بيروت - منذ الاستقلال يعيش اللبنانيون في دوامة من الحروب المتكررة، لم تترك لهم ترف العيش في استقرار وأمن وأمان لفترة طويلة. لبنان هذا البلد الصغير بمساحته، المتنوع بطوائفه وثقافاته، والواقع في بقعة جغرافية جعلته في قلب الاشتباكات الإقليمية المعقدة، كان دائما ساحة مفتوحة لصراعات الآخرين على أرضه. فبين حرب أهلية دامت خمسة عشر عامًا مزقت نسيجه الاجتماعي، واعتداءات إسرائيلية متكررة دمرت بنيته التحتية، وزادت من حالة التوتر الإقليمي، وحروب سياسية داخلية قسّمت شعبه بين ولاءات متعددة، ظل لبنان عالقًا في حلقة من النزاعات لم تهدأ يومًا بشكل كامل.
ومع كل أزمة جديدة تعيشها البلاد، تتعمق معها أزمة الهوية الوطنية، وتتضاعف مشاعر الانقسام، وتتراجع ثقة المواطن في مؤسسات الدولة التي باتت، في نظر كثيرين، عاجزة عن حماية مصالحهم أو الدفاع عن سيادة الوطن. تُضاف إلى ذلك التدخلات الخارجية، التي جعلت من لبنان ساحة لتصفية الحسابات، حيث يتأثر أمنه واقتصاده واستقراره الداخلي تبعًا لمصالح وأجندات هذه الأطراف.