ديفيد ديوب لـ"المجلة": الرواية التاريخية تعطي صوتا للمهزومين

"شقيق الروح" فائزة بجائزة "بوكر" الدولية

JOEL SAGET - AFP
JOEL SAGET - AFP
ديفيد ديوب.

ديفيد ديوب لـ"المجلة": الرواية التاريخية تعطي صوتا للمهزومين

ولد الكاتب والأكاديمي الفرنسي السنغالي ديفيد ديوب في 24 فبراير/ شباط 1966 في باريس، لأب سنغالي وأم فرنسية. نشأ في السنغال، وكان لتراثه ونشأته تأثير في صوته الأدبي، إذ غالبا ما تعكس أعماله تعقيدات التراث الثقافي وتأثير الاستعمار.

تخصص ديوب في الأدب الفرنسي والأفريقي الفرنكوفوني في القرن الثامن عشر، ويُدرّس حاليا في جامعة باو في جنوب غرب فرنسا. اكتسب شهرة دولية كونه أول مؤلف فرنسي من أصل أفريقي ينال جائزة بوكر الدولية المرموقة عام 2021 عن روايته "شقيق الروح" الصادرة بالفرنسية عام 2018. ترجمت أعماله إلى لغات عدة من بينها اللغة الإنكليزية والعربية. هنا حوار "المجلة" معه.

  • في روايتك "شقيق الروح"، تناولت معاناة السنغاليين والتأثير النفسي للحرب، ما مصدر الإلهام في هذه الرواية؟

استلهمت فكرتها من رسائل الجنود التي جمعها المؤرخ الفرنسي جان بيار جوينو في عام 1998. وتكشف هذه الرسائل والمذكرات الصدمة العميقة التي عانى منها الجنود في الحرب العالمية الأولى. وكان كتاب "اليد المقطوعة" للكاتب السويسري العظيم بليز سيندرارز ، الذي قاتل في الحرب العالمية الأولى وفقد يده اليمنى خلال إحدى المعارك، مصدر إلهام كبيرا لي.

"حلم" تقاوم قبح العالم بجمالها، لكن جمالها خطير لأنه يعرضها للإساءة والعنف في الجحيم التي تعيش فيها

باب اللاعودة

  •  روايتك "ما وراء باب اللاعودة" بدورها مستوحاة من مذكرات عالم النبات الفرنسي ميشال أدانسون...

كتب ميشال أدانسون وهو عالم نبات فرنسي في القرن الثامن عشر، مذكرات يشرح فيها تفاصيل رحلته العلمية إلى السنغال، ونُشرت في باريس عام 1757. وبالفعل، ألهمتني هذه الرحلة كتابة الرواية، كما ألهمتني أوراقه ومسوّداته المحفوظة في متحف التاريخ الطبيعي في باريس.

  •  ما التحديات التي واجهتك في دمج الحقائق التاريخية مع العناصر الخيالية في هذه الرواية؟

هناك شهادة تاريخية تشهد على عودة عبد إلى بلده بعد أن استعبد في ماريلاند ثم في إنكلترا في القرن الثامن عشر. كان أميرا وقع أسيرا أثناء الحرب. أصبح صديقا لسيده لأنه كان متعلما ويكتب باللغة العربية. حرّره سيده وأعاده إلى منطقته الأصلية في غامبيا الحالية. لذا فإن قصة الشبح هذه ليست أسطورة. إنها استثنائية واستخدمتها لخلق لغز حول شخصيتي مرام. هذا اللغز يجذب ميشال أدانسون .

JOEL SAGET - AFP
الكاتب الفرنسي ديفيد ديوب خلال جلسة تصوير في باريس.

حلم

هل تشكل شخصية الفتاة الجميلة التي تدعى "حلم" Dream في روايتك "أرض الأحلام"، رمزا لمواجهة القبح والظلم؟

صحيح، إنها تقاوم قبح العالم بجمالها، لكن جمالها خطير لأنه يعرضها للإساءة والعنف في الجحيم الذي تعيش فيه، ولا يحميها من الظلم.

رغم أن "أرض الأحلام" رواية قصيرة تناقش الحرب والقتل والجوع من خلال قصة فتاة يتيمة، إلا أنك كتبتها بلغة شعرية وبدأتها كقصة للأطفال. أخبرنا بالمزيد عن ذلك.

قرأت شهادات حقيقية لمهاجرين من القُصّر شديدي القسوة. أردت أن أروي قصة المنفى الطوعي هذه في شكل حكاية شعرية لا تشير إلى مكان ولا تاريخ محدّد. إنها قصة رمزية تركز على الحلم والأمل اللذين يحفزان المهاجرين الشباب من جميع أنحاء العالم. في هذا الشكل الشعري، بدا لي أن كتابة "أرض الأحلام" أفضل طريقة لمشاركة المراهقين المشاعر التي شعرت بها عند قراءة شهادات كل هؤلاء الشباب الذين اضطروا إلى مغادرة بلادهم في نفس سنهم.

DAMIEN MEYER - ِAFP
رئيسة لجنة تحكيم جائزة "غونكور"، زوي ألبالاجو، تحمل رواية "شقيق الروح" التي فازت بجائزة الطلبة التابعة لغونكور في 2018

تاريخ

كتبت الرواية تاريخية، من وجهة نظرك ما هو الدور الذي يلعبه الأدب في معالجة السرديات التاريخية والثقافية التي غالبا ما يتم تجاهلها؟

إن التاريخ يكتبه المنتصرون في أغلب الأحيان. ويبدو لي أن الأدب التاريخي يعطي صوتا للمهزومين، ويمنحهم الفرصة للتعبير عن سرديتهم.

اهتمامي الأساسي هو إعادة خلق الأوقات التي كانت فيها فرنسا إمبراطورية استعمارية ولم يكن للمستعبدين الحق في الكلام

  •  تتناول أعمالك موضوعات الاستعمار والهوية والتجربة الأفريقية، دون أن تتناولها من منظور شخصي. هلا أخبرتنا بالمزيد عن هذا؟

أضع شخصياتي في أماكن تاريخية بعيدة في الزمن لكنها لا تزال تتحدث إلينا. اهتمامي الأساسي هو إعادة خلق الأوقات التي كانت فيها فرنسا إمبراطورية استعمارية ولم يكن للمستعبدين الحق في الكلام. إن جعلهم يتحدثون اليوم في رواياتي هو وسيلة بالنسبة إليّ لمخاطبة معاصريّ بشكل غير مباشر.

  •  كأكاديمي، إلى أي مدى ترى أن الأدب الإفريقي لم يكتسب شهرة كافية رغم وجود العديد من الكتابات الجادة؟

أفريقيا قارة ضخمة تضم العديد من الكتاب والرجال والنساء الموهوبين الذين غالبا ما يتم تجاهلهم. لكن الأمور تتغير شيئا فشيئا، وقد سررت جدا عندما مُنح عبد الرزاق قرنح جائزة نوبل للآداب في عام 2021.

  •  أخبرنا المزيد عن نفسك، وكيف بدأت الكتابة، ومن أثّر فيك؟

ذوقي في الأدب والكتابة قديم جدا، يعود إلى طفولتي. ولكنني لم أسمح لنفسي بالكتابة إلا في وقت متأخر جدا، مقارنة بالكتاب الآخرين. أنا كاتب شاب عجوز. تعلمت أن أعيش قبل أن أكتب.

  •  بعد فوز "شقيق الروح" بجائزة بوكر الدولية، ارتفعت مبيعاتها بنسبة 400 في المائة، ماذا تخبرنا عن هذه التجربة؟

كانت تجربة رائعة بالنسبة إليّ، فقد أتاحت لي هذه الجائزة، ولمترجمتي الرائعة آنا موسكوفاكيس، أن يُقرأ عملنا على امتداد العالم.

font change

مقالات ذات صلة