إيران... والوقوف في مفترق طرق بين الحرب والسلام

صحف إيرانية: إيران لا تفضل الحرب ولكنها مستعدة لها

أ.ف.ب
أ.ف.ب
خامنئي وقائد القوة الجوية الفضائية للحرس الثوري العميد أمير علي حاجي زاده، 6 أكتوبر 2024

إيران... والوقوف في مفترق طرق بين الحرب والسلام

أعربت صحف ومواقع إيرانية عن قلقها خلال افتتاحياتها ومقابلات مع خبراء في الشأن الإيراني، من مغبة دخول إيران في حرب مباشرة مع إسرائيل، منوهة أن تلك الحرب قد تكون بمثابة "خط أحمر" للجمهورية الإسلامية، نظرا لميزان القوى الذي يميل لصالح تل أبيب بسبب الدعم الأميركي المطلق.

وحذر أكثر من مقال من أن الصين وروسيا لن يدعما إيران، بالدعم نفسه الذي تقدمه واشنطن لإسرائيل، وأن استعادة قوة الردع لن تكون بالانخراط في حلقة مفرغة من الهجمات المتبادلة.

وقال بعض الكتاب في الصحف الإيرانية، إنه على الرغم من ضرورة ضبط النفس، فإن إيران ستتصدى حتما لأي محاولة لزعزعة استقرار نظامها، إذا فرضت عليها الحرب، وأن سنين الحرب ستطول، وستصمد طهران كما صمدت إبان الحرب مع العراق لثماني سنوات في الثمانينات.

وكان مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي صرح بأنه: "لا ينبغي أن يتم التضخيم أو التقليل من شأن الهجمات الأخيرة، وأن المسؤولين سيقررون كيفية تفهيم الكيان الصهيوني إرادة الشعب الإيراني، ويجب القيام بما يضمن مصلحة إيران وشعبها".

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن مسؤولين إيرانيين مطلعين على تفاصيل الحرب: "إن المرشد وجه المجلس الأعلى للأمن القومي بالاستعداد لهجوم ضد إسرائيل".

وحول تصريحات المرشد الإيراني، يرى الناشط السياسي الإصلاحي "حميد رضا جلايي بور" في مقال بعنوان: "تصريحات المرشد؛ المواجهة العسكرية المباشرة خط أحمر" في صحيفة "هم ميهن" في عددها الصادر 29 أكتوبر/تشرين الأول بأن: "الرأي العام العالمي يمارس (المقاومة الناعمة) أمام الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، وفي المقابل تقوم المقاومة في المنطقة خاصة (حماس) و(حزب الله) بـ (الحرب الصلبة) بعدد كبير من الضحايا، كما أن إيران تدخل شيئا فشيئا إلى (الحرب الصلبة). ولا يمثل تورط إيران بشكل تدريجي في (حرب مباشرة) مع إسرائيل استراتيجية سليمة، وينبغي على الجمهورية الإسلامية أن تعلنها صراحة بأن محو إسرائيل من الوجود، لم ولن يكون هدف النظام الإيراني، الذي يدافع دوما عن حق الشعب الفلسطيني في استعادة أرضه من الحكومة الغاصبة. وينبغي على الجمهورية الإسلامية أن تدعم حركات المقاومة في المنطقة، غير أن التورط في حرب مباشرة مع دولة أخرى (خط أحمر) للجمهورية الإسلامية".

ويقول الكاتب: "ينبغي على الجمهورية الإسلامية الانخراط بشكل أكبر وأكثر تأثيرا في شق (الدبلوماسية المتوازنة) التي تحافظ على المصالح الوطنية... ستتهم القوى المتشددة النظام الإيراني بالمساومة، في حال امتناعها عن خوض حرب مباشرة مع إسرائيل، غير أن الحفاظ على إيران، يستلزم تجاهل هذه التصريحات المثيرة للاستهزاء".

وختم الكاتب بالقول: "أتصور أن هناك فئة في إيران تدفع النظام رويدا رويدا نحو مواجهة عسكرية، وحرب مباشرة مع إسرائيل. ويجب التحلي باليقظة. إن المرشد قلق من هذا الموضوع، ولكنه لا يعلنها صراحة".

هناك فئة في إيران تدفع النظام رويدا رويدا نحو مواجهة عسكرية وحرب مباشرة مع إسرائيل. يجب التحلي باليقظة. المرشد قلق من هذا الموضوع، ولكنه لا يعلنها صراحة

ونشرت صحيفة "شرق" في عددها الصادر 29 أكتوبر مقالا بقلم كوروش أحمدي دعت فيه إلى "إجراء المفاوضات مع أوروبا والولايات المتحدة، بهدف إنهاء دوامة الرد والرد المضاد بين إيران وإسرائيل".

ويرى الكاتب: "لقد أظهر الهجوم الإسرائيلي الأخير، أن إيران تقف مرة أخرى بين مفترق طرق الحرب والسلام، وسيكون قرار المسؤولين حول الاتجاه الذي ستسلكه إيران حاسما لمستقبل البلاد والشعب لسنوات عديدة وحتى لعقود. لم تكن الحرب المباشرة بين إيران وإسرائيل على جدول أعمال طهران وتل أبيب خلال العقود الماضية. كانت إيران تتبنى استراتيجية استخدام الجماعات الموالية لها في المنطقة، والتركيز على حرب استنزاف بوتيرة منخفضة، أو حرب الظل، وفي المقابل عملت إسرائيل على تنفيذ استراتيجية احتواء الحرب غير المتكافئة من خلال القيام بعمليات محدودة في سوريا".

أ  ف ب
إيرانيون يمرون أمام لوحة تتضمن عبارات ضد إسرائيل في العاصمة طهران بعد القصف الإسرائيلي في 26 أكتوبر

وتابعت "شرق": "شهدت استراتيجية إسرائيل تحولا بعد 7 أكتوبر حيث تسعى تل أبيب إلى تدمير قدرات جماعات محور المقاومة. السؤال: هل ستدخل إيران في حرب مباشرة مع إسرائيل لمنع ذلك؟". وتابع: "لا شك في أن الحرب الشاملة قد تعرض إيران لمخاطر جسيمة. هل تتمتع إيران بقدرة على مواجهة مباشرة مع إسرائيل؟ هذا ليس السؤال الرئيس، بل القضية أن إسرائيل تملك كافة القدرات العسكرية للدخول في حرب غير محدودة، بفضل الدعم الأميركي وبعض الأوروبيين. الدبلوماسية هي الخيار البديل للحرب. إن جهود الجهاز الدبلوماسي الإيراني ووزير الخارجية بناءة ولكنها ليست كافية. يجب العمل في اتجاهين: 1-الدبلوماسية مع تقديم حلول دبلوماسية للمفاوضات. وهنا نقطة ضعف إيران، لأن الجهود الدبلوماسية لن تثمر إلا بوجود حلول دبلوماسية، وإذا لم تقدم إيران الحل، فإنها لن تتمتع بأي دور في المفاوضات الدبلوماسية القادمة حول مستقبل لبنان وفلسطين. 2- تحظى الزيارات التي قام بها وزير الخارجية إلى دول المنطقة بأهمية، ولكن الكل يعلم أن الولايات المتحدة هي الوحيدة التي تستطيع لجم إسرائيل، ولذلك فإنه ينبغي على إيران توسيع دائرة مفاوضاتها بأسرع وقت ممكن، لتشمل الدول الأوروبية والولايات المتحدة أيضا".

ينبغي على إيران توسيع دائرة مفاوضاتها بأسرع وقت ممكن لتشمل الدول الأوروبية والولايات المتحدة أيضا

ونشر موقع "بصيرت" الإلكتروني التابع لـ"الحرس الثوري" مقالا بعنوان "تصحيح خطأ حسابات الكيان الصهيوني ضروري" بقلم "أكبر معصومي" في 28 أكتوبر قال فيه: "لقد أثبت هجوم الكيان الصهيوني على إيران بأسلحة ودعم أميركي، ودعم استخباراتي بريطاني بأن المعسكر العبري الغربي أخطأ في حساباته حول الجمهورية الإسلامية، وإذا لم نقم بتصحيح خطأ حسابات العدو، فعلينا أن ننتظر مزيدا من الاعتداءات من قبل العدو".

وتابع: "من الواضح أن التراجع خطوة يجعل العدو الصهيوني يتقدم خطوة إلى الأمام... يجب على إيران عدم السماح للمحور الأميركي- الصهيوني بتغيير معادلات غرب آسيا من خلال فرض (الشرق الأوسط الجديد) بهدف إضعاف قوة ردع الجمهورية الإسلامية، وبالتالي تصحيح خطأ حسابات العدو، يجب أن يكون أولوية الجمهورية الإسلامية... لقد وصل الكيان الصهيوني إلى استنتاج مفاده بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تنوي مواجهة عسكرية مباشرة مع الكيان بسبب سير التطورات الأخيرة. لدى الكيان الصهيوني فهم خاطئ عن الصبر الاستراتيجي للجمهورية الإسلامية خلال السنوات الأخيرة، كما أن الكيان الصهيوني يتصور أن أحداثا على غرار ما وقع في 2022 (في إشارة إلى مقتل مهسا أميني والاحتجاجات التي وقعت بعد هذا الحادث) أدت إلى إضعاف النظام... ويتصور الكيان الصهيوني، أن حجم الاستياء الشعبي من نظام الجمهورية الإسلامية بلغ مستوى عدم دعم الرأي العام الإيراني لإيران، خلال التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، والتي يمكنها استغلال الاستياء العام لصالح عملياتها العسكرية وحربها الإعلامية.. ولكن الصهاينة أخطأوا في حساباتهم بسبب التضامن الشعبي مع القوات العسكرية لصيانة الوطن... ولدينا مفاجآت كثيرة للصهاينة من الآن فصاعدا".

وقد شنت صحيفة "كيهان" هجوما على الصحف الإصلاحية التي تنادي بإجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة والغرب، وقالت: "في الوقت الذي ترى فئة على غرار صحيفة (شرق) والإصلاحيين أن المفاوضات مع الغرب ضرورية، فإننا نشهد على أرض الواقع تصاعد المعاداة الأميركية والأوروبية ضد إيران في مختلف الفترات. لقد نجحنا أن نعمل على تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي مع الصين وروسيا، مما أدى إلى تقليص حدة الضغوط الغربية علينا. نحن لا ننتظر بأن تمد أية دولة لنا يد العون، لنصون أمننا وقوتنا، لقد حققنا إنجازات كبيرة في المجالات الدفاعية والعسكرية.. فلماذا لا ترى بعض القوى السياسية هذه الحقيقة الواضحة؟ هل المشكلة ناجمة عن فهم خاطئ أم التبعية؟ هل نشر مثل هذه المقالات المضللة في ذروة شر العدو صدفة أم عملية منظمة ومنسقة تشرف عليها مؤسسة ما؟".

font change

مقالات ذات صلة