يمتلئ تاريخ الانتخابات بالتحولات والإبداعات التي شكلت مسارات الشعوب، ومن أبرز تلك اللحظات كانت تجربة إدارة الرئيس الأميركي جون كينيدي.
ففي خضم الصراعات والأحلام الأميركية، وُلدت "آلة الناس" كأداة ثورية تُعبّر عن رغبة عميقة في فهم نبض الجماهير. في وقت لم تكن فيه التحليلات والبيانات تُعتبر عنصراً أساسياً، انتقلت هذه الإدارة إلى آفاق جديدة، مستخدمة كميات هائلة من المعلومات لوضع استراتيجيات تصف مشاعر الناخبين وآمالهم.
في ذلك الوقت بدأ استخدام المحاكاة الحاسوبية واكتشاف الأنماط والتنبؤ بها في الحملات الانتخابية. وقد أنشأت بيانات استطلاعات الرأي من أرشيفات خبيري استطلاعات الرأي جورج غالوب وإلمو روبر نموذجًا للناخبين الأميركيين. وكانت المعلومات التي تم جمعها محورية في وضع استراتيجيات ذات صلة بالناخبين تضمن الوصول الى أصواتهم.
لم يكن استخدام البيانات في ذلك الوقت مجرد خطوة تكتيكية، بل كان تعبيرًا عن رغبة حقيقية في الحوار مع المواطنين، والتواصل مع آمالهم وأحلامهم. فقد فهم القائمون على حملة كينيدي أن كل صوت هو قصة، وكل استبيان هو فرصة لفهم المشاعر والتطلعات التي تحملها الجماهير.
ومنذ ذلك الحين بزغ عصر جديد يرتبط بالانتخابات حول العالم عصر تحليل البيانات الضخمة للتنبؤ بنتائج الانتخابات.
لكن الآن يشكل التنبؤ بنتائج الانتخابات تحديا كبيرا للمحللين السياسيين وعلماء البيانات على حد سواء. ففي عالم اليوم، حيث تتدفق البيانات بكميات هائلة، تصعب للغاية عملية التنبؤ دون اللجوء الى علم موثوق به وأجهزة كومبيوتر ضخمة والعديد من العقول النيرة.
ويشهد عالم السياسة تحولا جذريا بفضل التطور التكنولوجي المتسارع، ولا سيما مع ظهور البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي وهي أدوات تلعب دورا محوريا في صياغة الاستراتيجيات الانتخابية وتوجيه الرأي العام. والآن يستخدم العلماء والحملات الانتخابية طرقا تحليلية متقدمة في محاولة للتنبؤ بنتائج الانتخابات.
بدايات متعثرة
في عام 2013، اكتسبت "وكالة إدارة الانتخابات العالمية" البريطانية زخما عالميا لأنها استخدمت تحليل البيانات المتقدم جنبًا إلى جنب مع الاتصالات الاستراتيجية أثناء العمليات الانتخابية، التي أثبتت نجاحها.