بعد هزيمة الدول العربية في حرب يونيو/حزيران 1967، خطب الرئيس جمال عبد الناصر وقال: "لا نستطيع أن نخفي على أنفسنا أننا واجهنا نكسة خطيرة"، وهي العبارة التي استلهم منها الإعلاميون والسياسيون والمؤرخون العرب مصطلح "النكسة" للتعبير عمّا حلّ بدولهم سنة 1967. وفي إسرائيل يسمونها "حرب الأيام الستة" لأنهم تمكنوا، فيستة أيام، من تدمير جيوش مصر وسوريا والأردن، واحتلال كل من سيناء والجولان والضفة الغربية والقدس الشرقية.
خالف عبد الناصر يومها العرف المُتبع في تسمية الحروب، بحيث يتم الجمع بين الطرف المنتصر والطرف المهزوم، مثل الحرب الروسية- العثمانية (1877-1878) والحرب الروسية- اليابانية (1904-1905)، وفي الحرب التي سبقت "النكسة" اختار الرئيس المصري عبارة "العدوان الثلاثي" للتعبير عن حرب السويس، والتي شنّت في أعقاب تأميم قناة السويس سنة 1956. ولكنه لم يدّعِأنه انتصر سنة 1967 كما فعل صدام حسين إبان هزيمته في تحرير الكويت سنة 1991، يوم قزّم تلك الحرب إلى "معركة،" ثم عاد لتضخيمها وأطلق عليها اسم "أمّ المعارك".
من النكبة إلى النكسة
تأتي أسماء الحروب عادة بالتكرار والممارسة، وقد تتغير مع الوقت، وتختلف من شعب إلى آخر. الإسرائيليون مثلاً يسمون حرب فلسطين الأولى "حرب الاستقلال"، وفي وطننا العربي يطلقون عليها اسم "النكبة"، وهي عبارة مقتضبة وضعها المؤرخ السوري قسطنطين زريق عندما كان رئيساً لجامعة دمشق، يوم ألّف كتاباً بعنوان "معنى النكبة". أما ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء في إسرائيل، فقد اختار لتلك الحرب اسم "حرب النشوء" (War of Arisesness)، ولكن المؤرخين الإسرائيليين فضلوا عبارة "حرب الاستقلال" لدلالتها وسهولتها.