يعمل لويس بلان Louis Blin على أبحاث متميزة يلقي الضوء من خلالها على علاقة الكتاب الفرنسيين بالإسلام والعرب، مثل فيكتور هوغو ولامارتين وألكسندر دوما. وخلال عمله قنصلا لفرنسا في جدة من عام 2012 إلى 2016، أنجز موسوعة عن كتابات الفرنسيين وصورهم عن جدة في مجلدين.
في هذا الحوار لـ"المجلة"، يتحدث بلان عن كتبه وأبحاثه وقضايا معاصرة كالرهاب من الحجاب والإسلاموفوبيا، وعن رؤيته للثقافة الإسلامية التي يعتبرها جزءا من الثقافة الفرنسية وليست ثقافة "أخرى".
- لنبدأ من كتابك الأخير عن الفونس دو لامارتين Lamartine passeur d'Islam، والذي عرفه العرب من خلال كتابه "سيرة محمد". كيف استطاع هذا الشاعر الجمع بين إخلاصه للمسيحية وإعجابه الشديد بالإسلام ونبيه؟
من المهم أن نعرف أن لامارتين كان في بداية حياته مناهضا للإسلام والعرب بسبب بيئته المحافظة وتقاليدها المسيحية المتشددة في أوائل العصر الاستعماري. لكن رحلته إلى لبنان وسوريا وفلسطين عام 1832 غيّرت نظرته، حيث اكتشف التسامح الإسلامي وحسن الاستقبال العربي. هذه التجربة، خاصة بعد وفاة ابنته التي كانت ترافقه، أثرت في تحوله على الصعيد الإنساني والسياسي.
- مثل فيكتور هوغو الذي صُدم بوفاة ابنته عندما بدأ يهتم بالإسلام؟
نعم، الأمر مشابه.
كاثوليكي مسلم
- هل هناك جذور ثقافية ساهمت في هذا التحوّل لدى لامارتين؟
منذ طفولته، كان لامارتين شغوفا بالصلاة والروحانيات ووجد هذا الجانب لدى الشرقيين. لديه تعبير جميل جدا يقول فيه إن الشرقيين اخترعوا لنا السماوات. ومعظم من التقاهم من المسلمين كانوا يشاركونه الاهتمام نفسه في الصلاة والروحانيات، وهو ما يجمع بين الديانات السماوية التي قد تكون هناك بعض الاختلافات القليلة بينها في مجالات أخرى. لامارتين رأى أن الكاثوليكي يمكن أن يكون مسلما، وأنا أسميه كاثوليكيا مسلما.
- كان سرى أن دين الإسلام يتضمن في تعاليمه الحرية الدينية والمدنية؟
استخدم لامارتين كلمة "تسامح" أكثر من "الحرية". وأعطى قراءه الفرنسيين والأوروبيين مثلا على هذا التسامح من خلال ما حدث في كنيسة القيامة في القدس حين قرّرت الطوائف المسيحية المتخاصمة تسليم مفتاح الكنيسة الى عائلة مسلمة لتقوم بدور الوسيط، وحتى ينتهوا من حل المشكلة بينهم.