كتبت الشاعرة الأرجنتينية أليخاندرا بيثارنيك، ذات مرة: "أن تكتب يعني أن تعطي معنى للمعاناة"، وفقا لمقدمة مختاراتها الشعرية "غرفة وحيدة وقصائد أُخرى" الصادرة حديثا بترجمة مصطفى مجاهد، "دار خطوط وظلال".
هذا القول الراشح من أزمتها النفسية الحادة التي بدأت مكابدتها لها، والتي أفضت بها إلى الكآبة في بداية الثلاثينات من عمرها، المرحلة التي أنهت بها الشاعرة حياتها، وهي لم تتجاوز السادسة والثلاثين، يمكن أن يلخّص مجمل رؤيتها الشعرية وانعكاسها، أو ترجمتها بالكلمات، وما استتبع ذلك من قاموس تعصف به الرؤى السود، الغياب والتمزّق، واللايقين.
حيث "الكلمات تمارس الغياب" و"كل ما نقوله هو أكذوبة". هذا اليباب النفسي الذي عليه الشاعرة أثمر يأسا، ليغدو الإيمان بما هو حميم ومرتجى من قبل، إنكارا يحمل ضمنا الاحتجاج، بما في ذلك الكلمة:
الكلمات لا تمارس الحب
بل تمارس الغياب
فإذا قلت ماء هل سأشرب؟
وإذا قلت خبزا هل سآكل؟