يظن البعض أن مصر تمر حالياً بمصاعب اقتصادية دفعتها أخيرا إلى تعويم الجنيه المصري، مما أدى إلى تراجع سعر صرفه إلى 50 جنيهاً للدولار. لكن هذا الواقع ليس بجديد، ويمكن للمخضرمين من الاقتصاديين المصريين وغيرهم أن يتذكروا بأن سعر الصرف كان يعادل أربعة دولارات للجنيه في عام 1952، عندما انقلب العسكريون على النظام الملكي. بطبيعة الحال، كانت مصر آنذاك دولة تضم ما لا يزيد على 20 مليون نسمة ولم تكن الموازنة الحكومية محملة أعباء ضخمة مثل مخصصات المجهود الحربي أو الانفاق العسكري.
بدأت رحلة تراجع الجنيه بعد أن أصبح جلياً أن الامكانات الاقتصادية لا تتوافق مع الحاجات الانفاقية للدولة وتزايد الأعباء المعيشية. يضاف إلى ذلك، أن عمليات "التمصير" والتأميم أدت إلى تحمل الحكومة أعباء غير مسبوقة، ومنها مخصصات الاستثمار والتنمية، ناهيك عما سبق ذكره من مخصصات العسكرة والمجهود الحربي، خصوصاً بعد أن تصدت مصر لاحتلال فلسطين ومواجهة إسرائيل والدخول في صراعات عربية وأهمها الصراع في اليمن في ستينات القرن الماضي. في عام 1956، وهي السنة التي دخلت فيها مصر في حرب العدوان الثلاثي ضد إسرائيل وبريطانيا وفرنسا بعد تأميم قناة السويس.
أصبح سعر صرف الجنيه يعادل 2,84 دولاراً. وظل مرتبطاً بالجنيه الاسترليني بحكم العلاقات الاستعمارية حتى تم تحريره من ذلك الارتباط، ثم جرى الاتفاق على تحديد سعر الصرف بموجب الدولار الأميركي في عام 1962. تقرر آنذاك أن يكون سعر الصرف 2,3 دولاراً للجنيه المصري.