في أوائل هذا العام، مُنح جندي سوري متمركز غرب دمشق، عاصمة سوريا، إجازة قصيرة للنظر في اقتراح خاص من ضابط الجيش الحائز على أوسمة رفيعة تزين صدره. وفي مقابلة مع "المجلة"، كشف الجندي أنه كان أمام خيار صعب: إما قضاء فترة عمله في مزرعة زعيمه كمزارع، وإما في واحد من الخطوط الأمامية الساخنة كي يواجه الفصائل المتمردة شمالي سوريا حيث قُتل أو اختفى معظم الجنود في سوريا التي مزقتها الحرب.
منذ سنوات، يدفع الجنود السوريون الرشاوى ويعتمدون على المحسوبيات لتيسير خدمتهم الإلزامية، التي تمتد لسنوات في حالات الحرب والأوقات الحرجة. والجندي الذي أعطي الخيار ينحدر من عائلة مزارعين، لذلك وجد في هذا العرض، كما أخبر "المجلة" ما وصفه بـ"الفرصة الذهبية".
غير أنه سرعان ما اكتشف أن المزرعة مخصصة لزراعة الحشيش، وتضم ورشة تسمى محليا "المكبس"، تنتج عددا لا يحصى يوميا من الحبوب من المخدر السوري القوي المثير للجدل (الكبتاغون). إنها تجارة مربحة على مدار العام، فالكثير من مصانع شبكة "الكبتاغون" التي تديرها السلطات السورية، تنتشر في البلاد وتزود ورش العمل الفرعية للتعبئة، وتمول العصابات، وتسيِّر عمليات التهريب عبر الحدود.
وقد قدرت وزارة الخارجية البريطانية العام الماضي عائدات هذه التجارة بمبلغ 57 مليار دولار، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف تجارة الكارتيلات المكسيكية مجتمعة. وصرحت الوزارة في بيان لها بأن "الإتجار بالمخدرات هو شريان الحياة الاقتصادية لنظام الأسد... على حساب الشعب السوري الذي ما زال يواجه الفقر المدقع والقمع على يد النظام".
بإزاء ذلك، تقول الأمم المتحدة إن أكثر من 16.7 مليون سوري بحاجة إلى مساعدات إنسانية، من بينهم سبعة ملايين ما زالوا نازحين من منازلهم، كما تؤكد أن أكثر من نصف السكان بحاجة إلى مساعدات غذائية، بعد حرب طاحنة منذ ثلاثة عشر عاما في البلاد.