بدأت أسعار التبغ والسجائر في الارتفاع في قطاع غزة، منذ بدء الحرب الإسرائيلية قبل أكثر من عام، وتصاعدت شيئا فشيئا حتى ارتفعت بشكل جنوني بعد سيطرة الجيش على معبر رفح البري والذي يربط القطاع مع مصر، في بداية مايو/أيار الماضي. وكان ارتفاع الأسعار بسبب توقف استيراد التبغ والمعسل وتخوف التجار من نفاد الكميات المخزنة لديهم. إلا أن الأمر لم يتوقف عند ارتفاع الأسعار، بل تعدى الأمر ذلك في عمليات تهريب أنواع من التبغ عن طريق شاحنات البضائع والمساعدات الإغاثية التي عادت للدخول عن طريق معبر كرم أبو سالم جنوب شرقي رفح، ووصل الأمر إلى حد استخدام أوراق الشجر بعد تنشيفها وتنعيمها، وإضافة بعض المواد السائلة والتي يقال عنها "نيكوتين" ولكن هي في حقيقة الأمر مبيدات حشرية سامة.
ومع ارتفاع الأسعار، وفقدان المواطنين الغزيين لأعمالهم، وتشريدهم ونزوحهم من منازلهم ومناطق سكنهم بسبب العمليات البرية العسكرية الإسرائيلية، وخسارتهم لممتلكاتهم حيث أصبح أكثر من ثلثي سكان قطاع غزة، والبالغ تعدادهم مليونين و300 ألف نسمة بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يبحثون عن أعمال بديلة تُدر عليهم دخلا يمكنهم من شراء احتياجاتهم من المواد الغذائية الأساسية بعدما اضطروا إلى النزوح والسكن في خيام ومدارس تحولت إلى مراكز إيواء، وجد الغالبية من الأجيال الشابة ضالتهم في إنشاء "بسطة" صغيرة لبيع التبغ وأصبح غالبيتهم يعملون في صناعة لف السجائر للمدخنين.
وتنتشر بسطات بيع السجائر اللف في مختلف المناطق التي يكتظ بها النازحون. يقول محمد عبد ربه البالغ من العمر 19 عاما، وهو نازح من شمال القطاع إلى وسطه، أنه كان يعمل سابقا في مساعدة قريب له على بيع السجائر هذا قبل الحرب، وبعد النزوح فقد مصدر دخله، قبل أن يعاود العمل في المجال ذاته ولكن بطريقة مختلفة.
ويضيف: "أنا وأبي وإخوتي، كلنا فقدنا مصدر دخلنا، وكان لازم نجد مصدر دخل جديد بعد ما طولت الحرب، وبيوم وأنا ماشي بالسوق، لقيت تجار بيبيعوا كميات كبيرة من التبغ، بقولوا عنه تبغ شامي في منه صناعة غزة وفي صناعة الضفة، وكمان كان في أنواع تانية من التبغ بجودة رديئة، لكن سعرها كتير غالي مقارنة بسعر السجاير المستوردة قبل الحرب".
وتعتبر فلسطين من الدول الأكثر استهلاكا للسجائر، وبحسب آخر إحصائية لوزارة الصحة الفلسطينية، قالت إن 34 في المئة من السكان في الضفة الغربية وقطاع غزة هم من المدخنين، وفي إحصائية سابقة لهيئة التبغ في وزارة المالية التي تديرها حركة "حماس" في قطاع غزة، والتي كانت مهمتها فرض الضرائب على كل علبة سجائر، قالت إن المدخنين في القطاع يستهلكون أكثر من 25 ألف علبة سجائر يوميا، هذا في الوقت الذي كان يبلغ فيه متوسط سعر علبة السجائر قبل الحرب، قرابة خمسة دولارات بعد فرض الضرائب، فيما ارتفع سعرها مؤخرا لأكثر من 65 دولارا للعلبة الواحدة، وهو ما دفع البائعين لبيعها بالسنتيمتر، والذي تبلغ قيمته أكثر من 7 دولارات.