بعدما نشرنا في "المجلة"، في الحلقات السابقة تفاصيل علاقة الأسد بالخميني وتأسيس "حزب الله" وتمسك "الشيخ بشير" بخروج "أبو عمار" واستسلامه، وشروط واشنطن في لبنان بالتزامن مع المفاوضات حول اتفاق "17 مايو"، وزيارة مبعوث ريغان السري إلى دمشق وقلق واشنطن من صواريخ "سام-5"، وتفجير "المارينز" عشية حوار جنيف اللبناني، وتدخل ريغان في "صراع الأسدين"، نتناول في الحلقة الثامنة والأخيرة رسائل "الغرام والتهديد" بين الأسد وريغان:
1- الحلقة الأولى: "أبو نضال" يوفر "ذريعة" الاجتياح... وإيران تؤسس "حزب الله" بمظلة سورية
2- الحلقة الثانية: رسالة من بيغن إلى الأسد: لا نريد قتالكم في لبنان... ويجب إبعاد الفلسطينيين
3- الحلقة الثالثة: إسرائيل تحاصر بيروت... وعرفات "جن جنونه" قبل أن يستسلم
4- الحلقة الرابعة: أميركا تطلق "الخفاش الأزرق" في لبنان... وتطالب الأسد بطرد "مجانين إيران"
5- الحلقة الخامسة: شولتز يخيّر الأسد بين "اتفاق 17 مايو" و"احتلال إسرائيلي دائم"... ودمشق تلوّح بقصف مطار بيروت
6- الحلقة السادسة: تفجير "المارينز" قبل حوار جنيف اللبناني... وأميركا تتهم إيران بالعمل "خلف خطوط" سوريا
7- الحلقة السابعة: صدام أميركي - سوري في لبنان... ومبعوث ريغان يطلب لقاء رفعت الأسد بعد مرض "السيد الرئيس" (7 من 8)
لندن- وسط تبادل القصف العسكري الأميركي–السوري في لبنان ومرض الرئيس حافظ الأسد وطموح العقيد رفعت في السلطة وتصاعد الحرب العراقية–الإيرانية، التقى وزير الخارجية السوري عبدالحليم خدام والسفير الأميركي روبرت باغانيللي في دمشق خلال شهر ديسمبر/كانون الأول عام 1983، ودار الحوار الآتي:
خدام: هل تسمحون للطيران السوري أن يطير فوق القوات الأميركية؟
السفير: هذه الطائرات لديها إذن من الحكومة اللبنانية بأن تقوم بعمليات ضمن القوات المتعددة الجنسيات.
خدام: نعم ونحن قوة شرعية في لبنان ولنا حقوق متعددة أيضا. نحن أعطينا تعليمات مشددة إلى قواتنا بأن لا تطلق أي طلقة من مناطق وجودها باتجاه القوات المتعددة الجنسية. هذا الأمر لا يزال معمولا به على الأرض، إذن لماذا تشن هذه الغارة على قواتنا؟ من أبسط مبادئ العلوم العسكرية أن أي قوات يأتي طيران أجنبي فوقها ستضرب، بغض النظر عما إذا كانت تصيب أو لا تصيب. لذلك يمكن أن نصل إلى اتفاق ضمني نقول فيه: القوات السورية تتشدد في منع السماح بإطلاق أي طلقة من أماكن وجودها باتجاه القوات المتعددة الجنسية، وفي المقابل يمتنع طيران هذه القوات عن التحليق فوق القوات السورية، ولا تتعرض لمناطق وجود القوات السورية بالأسلحة المختلفة. نحن بالفعل لا نريد التصادم، والمعركة ليست بيننا وبين الأميركيين. المشكلة بيننا وبين إسرائيل، فلماذا تحشر الولايات المتحدة نفسها بهذا الشكل؟ صدقني أنا متأثر لهذا الطيار الأميركي الذي قتل (بقصف سوري مع أسر طيار آخر) مثلما أنا متأثر للجندي السوري. ونحن قلقون على قواتنا في لبنان بسبب وجود الأسطول السادس، وبصورة خاصة بعد زيارة إسحاق شامير الأخيرة إلى واشنطن. كيف نستطيع أن نزيل هذا الخطر؟ هل يسمح لنا الأسطول السادس الأميركي بالتحليق اليومي فوقه؟ طبعا لن يسمح، وبغض النظر عن كون الولايات المتحدة الأميركية دولة عظمى- ونحن دولة صغيرة- يجب أن نتعامل بقواعد متساوية.
طيار أميركي أسير في سوريا
طلب السفير باغانيللي من خدام إطلاق سراح الطيار الأميركي الأسير روبرت غودمان، الذي كانت سوريا قد احتجزته بعد الغارة الجوية على مواقعها في شهر ديسمبر. سأل عن صحته وأجاب خدام أنه بخير وأن لجنة من الصليب الأحمر الدولي تزوره بانتظام، مذكرا بأن غودمان أسير حرب وبأنه كان يقوم بعمل عدواني ضد القوات السورية. وعندما لم يسمح خدام بمزيد من الكلام في هذا الموضوع، أنهى السفير باغانيللي بالحديث: "يجب أن يكون واضحا كليا من طرف الولايات المتحدة، أننا سنستمر في الطلعات الجوية"، فقال خدام: "وواضح كليا أن الرد سيكون مستمرا من جانب القوات السورية".
السفير: ومرة أخرى سنرد على الرد.
خدام: وسنستخدم الوسائل المتاحة لدينا للرد على الرد. نحن نقول لكم لا نرغب في صدام معكم، ولا نرغب في تصعيد الوضع. نرغب في خلق الظروف الملائمة لعودة العلاقات الطبيعية بين البلدين، ومع ذلك تقولون: سنستمر في تحديكم والتحرش بكم. هذا الأمر الشعب الأميركي لا يوافق عليه. الوجود الأميركي في لبنان وجود لا مبرر له. جئتم حتى تحموا المخيمات الفلسطينية وأصبحتم تضربون الجيش السوري. أخشى أن تضربوا دولا عربية أخرى...