تهدف أحدث مهمة دبلوماسية مكوكية لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن- والتي من المرجح أنها الأخيرة له قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية الشهر المقبل- ظاهريا إلى بعث الحياة في مفاوضات وقف إطلاق النار الرامية إلى إنهاء العنف في غزة. فقد أحيا مقتل زعيم "حماس" يحيى السنوار الأسبوع الماضي على يد القوات الإسرائيلية بعد تبادل لإطلاق النار في غزة الآمال لدى إدارة بايدن، وعدد من القادة في جميع أنحاء العالم، في استئناف المحادثات بشأن التوسط في وقف إطلاق النار.
وعلّق كل من الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس على وفاة السنوار بالادعاء بأنها أحيت آفاق السلام. ومما قاله بايدن إنه يعتزم مناقشة "إنهاء الحرب بشكل نهائي" مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بينما أعلنت هاريس أن "وفاة زعيم (حماس) تمنحنا فرصة لإنهاء الحرب أخيرا".
وفي مهمة بلينكن الدبلوماسية المكوكية التي ستكون المهمة الحادية عشرة إلى الشرق الأوسط منذ شنت "حماس" هجومها المدمر على إسرائيل قبل عام، يبدو جليا أن المبعوث الأميركي يأمل هذه المرة في أن تكون هناك فرصة حقيقية لإنهاء الأعمال العدائية قبل الانتخابات الشهر المقبل. ولا ريب في أن مثل هذه الخطوة ستعطي دفعة قوية للمرشحة الديمقراطية، بعد أن كافحت إدارة بايدن لإحراز أي تقدم في الجهود السابقة لتنفيذ وقف إطلاق النار.
إن مزيجا من إصرار نتنياهو على الاستمرار في الهجوم العسكري الإسرائيلي بغية تدمير "حماس"، وامتناع قادة "حماس" مثل السنوار عن التوقيع على اتفاق يسمح لإسرائيل بالحفاظ على وجودها العسكري في غزة، أدى إلى إحباط الجهود السابقة لإنهاء العنف.
وبعد محادثاته مع نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في القدس، التقى بلينكن أيضا بعدد آخر من قادة المنطقة في محاولة أخيرة لصياغة اتفاق ما.
وقبل وصوله إلى المنطقة، قال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، للصحافيين يوم الاثنين إن بلينكن يسعى- إلى جانب محاولاته الوصول إلى وقف لإطلاق النار في غزة- إلى الاتفاق على خطة "اليوم التالي" للحكم المستقبلي للأراضي الفلسطينية. ورغم أن بلينكن "يعمل على خيارات اليوم التالي منذ أشهر"، فإن الإدارة ما زالت تحاول صياغة خطة نهائية لغزة: "كيف ستتشكل، وأين ستُنشر، ومن سيديرها؟" كما أوضح كيربي.
من جانبهم، قدم المسؤولون الإسرائيليون مؤشرات إيجابية على أنهم قد يظهرون انفتاحا حيال صفقة شاملة تضم تهدئة الجبهة في جنوب لبنان، وإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم "حماس" في غزة والسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى الأراضي الفلسطينية.
والحال أن الإسرائيليين تعرضوا لضغوط كبيرة كي يسمحوا بنقل المزيد من المساعدات إلى غزة بعد أن هددت إدارة بايدن في وقت سابق من هذا الشهر بوقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل إذا لم ترَ زيادة ملحوظة في المساعدات المقدمة إلى غزة، حيث تقول وكالات الإغاثة إن المدنيين الفلسطينيين هناك يعانون من نقص حاد في الغذاء والإمدادات الطبية.