آفاق جديدة لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين السعودية وكندا

سفيرة المملكة في أوتاوا ومجلس الأعمال المشترك يقودان تفعيل تبادل الاستثمارات والصادرات

Shutterstock
Shutterstock
علما السعودية وكندا.

آفاق جديدة لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين السعودية وكندا

تُعدّ المملكة العربية السعودية شريكاً إقليمياً متكاملًا بالنسبة لكندا، وهي من خلال قوتها الناعمة واقتصادها وموقعها في جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي، تؤدي دورا محوريا في الدورة الاقتصادية العالمية. فضلا عن كونها العضو الوحيد في "مجموعة العشرين" من العالم العربي، وهي تقدمت إلى المرتبة الثالثة بين دول المجموعة في العام 2023، مدعومةً بالأداء الاقتصادي والمالي القوي في عام 2022، وتطوير تشريعات الأعمال ومناخ الاستثمار.

واعتبارا من عام 2022، أصبحت المملكة أكبر مصدر للنفط في العالم، وثاني أكبر منتج للنفط بعد الولايات المتحدة. ووفقا لتقديرات عام 2021، وتمتلك 17 في المئة من احتياطيات النفط المعروفة في العالم، وهي تلعب دوراً رئيساً في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وفي تحالف"أوبك بلس"، ولها تأثير كبير على الاقتصاد العالمي.

عودة التعاون الاقتصادي مع كندا

منذ أواخر مايو / أيار 2023 عادت العلاقات الديبلوماسية التي تمّ تعليقها مع كندا في عام 2018، بناءً على مباحثات بين ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، ورئيس وزراء كندا جاستن ترودو، على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهندي.

أعاد اتحاد الغرف التجارية السعودية استئناف النشاطات والفعاليات التجارية بين قطاعي الأعمال في السعودية وكندا، وذلك بعد ست سنوات من تعليق الاتحاد نشاط مجلس الأعمال

وأخيرا أعلن اتحاد الغرف التجارية السعودية إعادة فتح مسار التعاون الاقتصادي واستئناف النشاطات والفعاليات التجارية بين قطاعي الأعمال في المملكة وكندا، وذلك بعد ست سنوات من تعليق الاتحاد نشاط مجلس الأعمال المشترك والبعثات والوفود التجارية. وقال رئيس اتحاد الغرف السعودية حسن بن معجب الحويزي: "إن الاتحاد وقّع مذكرة تفاهم لتأسيس مجلس الأعمال السعودي- الكندي وتفعيل أعماله، في خطوة إيجابية متزامنة مع انفتاح آفاق العلاقات بين المملكة وكندا"، مضيفاً "أن المذكرة ستشكل بداية جيدة لدعم العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين من خلال أنشطته المختلفة، بما يحقق مصلحة قطاعي الأعمال والاستفادة من الفرص الهائلة المتاحة في الاقتصاديين السعودي والكندي".

ويوفر مجلس الأعمال السعودي- الكندي منصة لرجال الأعمال السعوديين والكنديين للتعريف بمشاريعهم ونشاطاتهم وإقامة شراكات تجارية، فضلاً عن فتح مجالات نوعية جديدة للتعاون الاقتصادي وتسهيل التفاعل المستمر بين قطاعي الأعمال في البلدين، وتبادل المعلومات حول الفرص والأسواق وتنظيم المعارض والمؤتمرات وزيارات الوفود التجارية. واستكمالاً لهذه الخطوة، أعلن اتحاد الغرف السعودية قبل شهرين اعتماد التشكيل النهائي لمجلس الأعمال السعودي الكندي في دورته الجديدة.

حجم التبادل التجاري بين السعودية وكندا

جدير بالذكر أن علاقات اقتصادية قوية تربط البلدين، فالسعودية هي أكبر شريك تجاري لكندا في الشرق الأوسط. وتظهر بيانات الهيئة العامة السعودية للإحصاء أن حجم التبادل التجاري بين السعودية وكندا خلال الفترة 2008 – 2018 بلغ نحو 134 مليار ريال (35.7 مليار دولار) حيث استوردت السوق السعودية سلعا كندية بقيمة تقدر بنحو 60 مليار ريال (16.2 مليار دولار). وتأتي واردات السيارات في مقدمة السلع التي تستوردها المملكة بقيمة وصلت إلى نحو 1.6 مليار ريال سنويا وتليها الآلات بقيمة 610 مليون ريال.

.أ.ف.ب

وقد حضرت سفيرة المملكة العربية السعودية لدى كندا آمال المعلمي اجتماعاً مثمراً مع المسؤولين في اتحاد الغرف السعودية بتاريخ 16 سبتمبر / أيلول 2024، حيث أبرزت المناقشات أهمية تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين المملكة وكندا. كما بحث مجلس الأعمال السعودي الكندي برئاسة محمد ناصر آل دليم مع السفيرة المعلمي مجالات التعاون وأجندة زيارة المجلس لكندا لعقد ملتقى أعمال مشترك ولقاءات ثنائية للشركات من البلدين.

المملكة مركز لوجستي وصناعي محوري، يسهّل الوصول الى أهم الأسواق الرئيسة في العالم، يوفر الموارد الطبيعية، والبنى التحتية المتطورة، فبيئة الاستثمار مستقرة تشريعياً، وتطبّق فيها أعلى معايير الشفافية والحوكمة

بندر بن إبراهيم الخريف، وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي

ودشّن وفد اتحاد الغرف السعودية ممثلاً بمجلس الأعمال السعودي الكندي هذه المرحلة الجديدة في تاريخ العلاقات المشتركة في زيارة لكندا، جاءت متزامنة مع زيارة وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر بن إبراهيم الخريف، بهدف مواصلة تنمية الفرص التجارية والاستثمارية بين مجتمعي الأعمال بالبلدين. وشهدت مدينة تورونتو في مطلع الشهر الجاري، تنظيم ملتقى، نظمه مجلس الأعمال السعودي الكندي، في حضور الوزير الخريف والسفيرة المعلمي، ورئيس مجلس الأعمال السعودي الكندي، وعدد من المستثمرين. سلط الضوء على الفرص الاستثمارية في كل من السعودية وكندا في عدد من القطاعات الإستراتيجية، بما فيها قطاع التعدين والقطاعات المرتبطة بـ"رؤية 2030"، كما شهد توقيع مذكرة تفاهم لتأسيس شركة سعودية كندية لتصميم وتصنيع الهياكل المعقدة في العروض الترفيهية والرياضية.

وأكد الوزير الخريف "الدور المحوري لمجلس الأعمال السعودي الكندي في تطوير التعاون التجاري، وتطوير الروابط الثنائية بين البلدين، منوهاً بما يمثله من منصة مهمة للحوار والتواصل بين قادة القطاع الخاص، وبناء شراكات فاعلة تعظّم الاستفادة من الفرص الاستثمارية المشتركة في المملكة وكندا".

Shutterstock
طائرة بوينغ تابعة للخطوط السعودية، في مطار تورونتو الدولي في كندا، 14 أبريل 2018.

ولفت إلى "المقومات الإستراتيجية والمزايا النسبية للمناخ الاستثماري في المملكة، التي تؤهلها لأن تكون مركزاً عالمياً لجذب الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الاقتصادية كافة، وفي قطاعي الصناعة والتعدين على وجه الخصوص، ومنها موقعها المحوري الذي يربط بين ثلاث قارات رئيسة في العالم".

واستعرض الوزير الخريف "مقومات المملكة كمركز لوجستي وصناعي محوري، يسهل عملية الوصول لأهم الأسواق الرئيسية في العالم، إضافة إلى توفّر الموارد الطبيعية، والبنى التحتية المتطورة"، مؤكداً "أن بيئة الاستثمار في المملكة مستقرة تشريعياً، وتطبّق فيها أعلى معايير الشفافية والحوكمة".

السعودية هي ثاني أكبر مورد للنفط الخام إلى كندا، وبلغ في عام 2021 نسبة 15٪ من الواردات الاجمالية لكندا استيراد كندا

وأشار إلى "سهولة ممارسة الأعمال في بيئة الاستثمار بالمملكة، التي تستند الى حزمة من الخدمات والحوافز التي تقدمها المملكة للمستثمر في كل مراحل مشروعه، بدءاً من دراسة الجدوى ومنح التراخيص حتى دخول منشأته خط الإنتاج".

بدوره، أوضح رئيس مجلس الأعمال السعودي الكندي محمد آل دليم، أن "المجلس حقق نجاحات متميزة في زيارته لكندا التي تعد الأولى بعد سنوات من التوقف، حيث أجرى مباحثات مثمرة مع كبرى الشركات الكندية، كما وقع شراكات تجارية ودشّن مكتباً لمجلس الأعمال في تورونتو".

حجم التبادل التجاري بين السعودية وكندا

وبلغت صادرات المملكة إلى كندا عام 2019 وفقاً للهيئة العامة السعودية للإحصاء 9,430 مليون ريال، وكانت أهم السلع الوطنية المصدرة إليها: منتجات معدنية، منتجات كيماوية غير عضوية، ألمنيوم ومصنوعاته، لدائن ومصنوعاتها، فواكه. في حين بلغت قيمة واردات المملكة من كندا نحو 9,586 مليون ريال، وكانت أهم السلع المستوردة منها: سيارات وأجزاؤها، آلات وأدوات آلية وأجزاؤها، منتجات الصيدلة، أجهزة ومعدات كهربائية وأجزاؤها، أجهزة طبية وبصرية وتصويرية.

ووفقاً لبيانات رسمية فإن السعودية كانت  أكبر سوق لمنتجات كندا في المنطقة في 2021 إذ بلغ إجمالي قيمة تلك الصادرات 2.2 مليار دولار كندي (1.65 مليار دولار أميركي)، كما أنها واحدة من أكبر الدول المستوردة للمعدات العسكرية الكندية. والسعودية هي ثاني أكبر مورد للنفط الخام إلى كندا، وبلغ في عام 2021 نسبة 15 في المئة من الواردات الإجمالية لكندا.

هناك مجال لنمو قطاعات أخرى ناشئة في الاقتصاد السعودي مثل المنصات الرقمية والتصنيع والترفيه والسياحة بما يتماشى مع أهداف التنويع الاقتصادي في المملكة

رؤية السعودية 2030

في عام 2022، صدّرت كندا 959 مليون دولار إلى السعودية، وكانت المنتجات الرئيسة التي صدّرتها كندا هي الدبابات والمركبات المدرعة (545 مليون دولار)، والأدوية (58.4 مليون دولار)، ولحوم الأبقار (21.3 مليون دولار). وصدّرت السعودية 2.5 مليار دولار إلى كندا، وكانت المنتجات الرئيسة هي النفط الخام (2.38 مليار دولار)، وطلاء الألمنيوم (57.7 مليون دولار)، وأنابيب الحديد (10.4 مليون دولار). وبلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة وكندا 16 مليار ريال، محققاً نمواً بنسبة 8.3 % في عام 2022.

بلغت صادرات كندا إلى السعودية 1.59 مليار دولار أميركي خلال عام 2023، وفقًا لقاعدة بيانات الأمم المتحدة للتجارة الدولية COMTRADE، وصادرات السعودية إلى كندا 94.44 مليون دولار.

فرص لنمو قطاعات ناشئة في الاقتصاد السعودي

يذكر أن هناك فرصا لنمو قطاعات أخرى ناشئة في الاقتصاد السعودي مثل المنصات الرقمية والتصنيع والترفيه والسياحة بما يتماشى مع أهداف التنويع الاقتصادي في المملكة وفقاً لـ"رؤية 2030"، لتنويع اقتصاد المملكة وتطوير قطاعها العام وإحداث تغيير اقتصادي استراتيجي في التصنيع والخدمات اللوجستية والسياحة والترفيه. كما تشمل إطلاق مشاريع البنى التحتية الضخمة من المجمعات الصناعية إلى المدن الكاملة مثل نيوم، ضمن إطار الاستدامة البيئية وتعزيز استخدام الطاقة النظيفة.

font change

مقالات ذات صلة