في صيف 2024 عاد عباس عراقجي إلى وزارة الخارجية الإيرانية والمفاوضات النووية وزيرا ورئيسا، بعدما أُقصي من إداراتها في عهد الرئيس السابق إبراهيم رئيسي، ويبدو أنه وجد مقاربات أكثر برغماتية وأقل أيديولوجية في السنوات الأخيرة من مسيرته الدبلوماسية، وعدل شخصيته لتبدو أكثر محافظة وأقل انفتاحا من وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف، مما جعل المحافظين والإصلاحيين والوسطيين يتفقون على تكليفه بإدارة شوؤن إيران الخارجية.
تدرج عراقجي في المناصب الرسمية، ولكنه مع تكليف علي لاريجاني بمهمة المفاوضات النووية، بدأ الفصل الأهم من مسيرته الدبلوماسية، بانضمامه إلى فريق المفاوضين. استقال لاريجاني من منصبه بسبب خلاف مع الرئيس محمود أحمدي نجاد، فطار عراقجي إلى طوكيو وعمل فيها سفيرا، وبعد انتهاء مهامه عاد إلى طهران، لينضم إلى فريق سعيد جليلي الذي ترأس مجلس الأمن القومي، ويشارك مجددا في المفاوضات النووية، ويصبح شخصية لها حضور محدود إلى جانب جليلي، ولكن هذه المفاوضات انتهت بصدور قرارات عن مجلس الأمن ضد إيران.
مع تعيين محمد جواد ظريف وزيرا للخارجية، انتقلت مسؤولية المفاوضات النووية من أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي إلى وزارة الخارجية؛ كان هذا شرط ظريف، أبقى ظريف على عراقجي ضمن فريقه، وتلقى بسبب هذا القرار الكثير من الانتقادات، ممن يعتبرون عراقجي رمزا لمفاوضات غير مجدية ومن ورثة عهد نجاد "الفاشل"، لكن عراقجي سطع نجمه مع ظريف، وصار مساعده والشخص الثاني في فريقه، وبعد أشهر من المفاوضات، توصلت إيران والقوى العالمية إلى اتفاق بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة.
بعدها، أقصته إدارة رئيسي، فانسحب من إدارات الخارجية كليا، ولكن وزير الخارجية السابق كمال خرازي، استدعاه إلى المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية وعينه سكرتيرا له.
العالم الافتراضي ملعبه، وهو أنشط أعضاء فريق التفاوض على السوشيال ميديا، وأكثرهم تركيزا على الإعلام، ربما لأنه كان متحدثا باسم وزارة الخارجية، الوظيفة التي وصفها بالجذابة، والتجربة التي استغلها جيدا خلال المفاوضات النووية، حيث كان كلما سنحت له الفرصة، ينشر صورا له مع الفريق المفاوض على صفحته الشخصية على "إنستغرام"، ويتفاعل مع المعلقين، وهو ناشط على "تويتر" أيضا كغالبية الإيرانيين. أخبر متابعيه منذ أيام، أنه سافر إلى 11 دولة في أقل من ثلاثة أسابيع، منها مصر، وأُعجب بطبق "الكشري"، مستغربا عدم وجود مطعم مصري في طهران.