وفي تقرير صادر في مارس/آذار 2021 أيضاً عن مجتمع الاستخبارات الأميركية تم تقييم التهديدات الأجنبية التي استهدفت الانتخابات الفيديرالية الأميركية لعام 2020 حيث خلص التقرير إلى أن روسيا وإيران نفذتا عمليات تأثير، في حين أن الصين لم تتدخل في العملية الانتخابية، حيث أشار التقرير إلى أن روسيا سعت إلى تشويه سمعة بايدن ودعم ترمب، بينما حاولت إيران تقويض فرص إعادة انتخاب ترمب، ولكن في النهاية أكد التقرير أنه لم تكن هناك محاولات ناجحة من أي جهة أجنبية للتلاعب بالعملية الفنية للتصويت.
أيضاً تعرضت آلات التصويت لمحاولات اختراق مما دفع ولايات مثل فلوريدا وبنسلفانيا إلى اتخاذ تدابير تضمن توليد الأنظمة الجديدة سجلات ورقية لتعزيز الأمان واستعادة الثقة في العملية الانتخابية.
وتؤكد ريبيكا ميركوري، الخبيرة الدولية في مجال أمن الانتخابات الإلكترونية التي قدمت شهادتها في قضية "بوش ضد آل غور" بعد انتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2000 وساهمت في صياغة معايير وإجراءات أمنية تهدف إلى تعزيز نزاهة الانتخابات، أنها تعارض بشدة استخدام أي أنظمة إلكترونية بالكامل أو معتمدة على الإنترنت للتصويت السري وتسجيل الأصوات، موضحة في تصريح خاص لـ"المجلة" "موقفي الراسخ منذ فترة طويلة هو أن الأخطار المرتبطة بالتصويت الإلكتروني لا يمكن تقليلها إلا بعدم استخدام أنظمة التصويت الإلكتروني مطلقًا، لأن جميع هذه الأجهزة غير آمنة بطبيعتها".
تحسين الأمان في التصويت الإلكتروني
في سبيل مواجهة التحديات الأمنية، يجري العمل على تطوير حلول تكنولوجية متقدمة، من بينها تقنية البلوكشين، وهي بحسب الخبراء المؤيدين لها تتيح تسجيل الأصوات بشكل مشفر وغير قابل للتلاعب، مما يعزز الشفافية ويقلل أخطار الاختراقات.
وفي المقابل، هناك من يعتقد أن استخدام البلوكشين في التصويت مجرد مسألة تسويق، لكنه لا يحل المشكلات الأساسية، حيث يؤكد بن آديدا، المؤسس والمدير التنفيذي لــ"فوتينج وركس"، وهي المنظمة غير الربحية الوحيدة التي تصنع معدات التصويت في الولايات المتحدة، والحاصل على درجة الدكتوراه من مجموعة التشفير وأمن المعلومات في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في تصريحات خاصة لـ"المجلة" بأنه متمسك بكل كلمة كتبها منذ سنوات عدة في شأن ذلك، لافتا إلى مقال كتبه في عام 2017 أكد فيه أن "استخدام البلوكشين للتصويت يحل جزءًا صغيرًا من المشكلة باستخدام أداة كبيرة بشكل غير ضروري، وأنه لا يحل مشاكل التصويت الرئيسة مثل سرية التصويت أو التحقق من أهلية الناخبين، وفي أحسن الأحوال يمكن للبلوكشين أن تكون سجلاً لبيانات التصويت، وهي مهمة يمكن إنجازها بتقنيات أقدم وأبسط مثل أشجار ميركل وسلاسل التجزئة التي تم ابتكارها منذ عقود.".
من جانب آخر، ومن أجل تحسين الأمان في التصويت، يمكن إجراء مراجعات أمنية دورية لاكتشاف أي ثغر قد تؤثر على أمان التصويت، كما يمكن الاعتماد على نظام التصويت الهجين الذي يجمع بين الإلكتروني والورقي حيث أنه يمثل خياراً قد يضمن نزاهة النتائج في حالة حدوث أي خلل في الأنظمة الإلكترونية.
في هذا السياق، يؤكد ديفيد شوم، عالِم التشفير وأحد أبرز المساهمين في تطوير أنظمة التصويت الإلكتروني الآمنة في تصريحات خاصة لـ"المجلة" أن "هناك ثلاث مسائل رئيسة لضمان التصويت الآمن، والتشفير يعد الوسيلة الأكثر فعالية لمعالجتها، وهي: تسجيل الأصوات كما تم الإدلاء بها، حساب الأصوات كما تم الإدلاء بها، ومنع شراء الأصوات.
وعلى الرغم من أن هذه المسائل يمكن حلها من خلال مراكز الاقتراع الشخصية الدقيقة والعد اليدوي بواسطة عدد كبير من العاملين، إلا أن العلامات الفريدة التي يضعها الناخبون على بطاقات الاقتراع تجعل من الصعب حل مشكلة شراء الأصوات بهذه الطريقة؛ على حد ما يقول شوم.
ناخب يقترع في اليوم الأول من التصويت المبكر الشخصي في ولاية فرجينيا.
عن انتخابات مدينة تاكوما بارك بولاية ماريلاند عامي 2009 و2011 يقول شوم إن الولاية تمكنت من حل أول مشكلتين بشكل أفضل من أي وقت مضى بواسطة نظام يسمى "سكان تيجرتي"، وكان ذلك أقل تكلفة من الطرق التقليدية، حيث يعتمد ذلك النظام على بطاقات اقتراع ورقية تستخدم حبرًا خفيًا لعرض رموز تأكيد سرية، مما يسمح للناخبين بالتحقق من أن أصواتهم قد تم تسجيلها بشكل صحيح مع الحفاظ على سرية التصويت. أما المسألة الثالثة فقد تم حلها من خلال نظام أخر يسمى "فوتكس" يقدم حلا لمشكلة شراء الأصوات من خلال استخدام تقنيات تشفير متقدمة تتيح للناخبين تغيير أصواتهم بعد الإدلاء بها، مما يمنع المشترين من التحقق من التصويت الفعلي.
على الجانب الآخر، يقول رونالد لين ريفيست، عالِم التشفير، والأستاذ بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في تصريح خاص لـ"المجلة" إن "طرق التشفير غير مناسبة لمعظم أنظمة التصويت لأنها صعبة الفهم بالنسبة للناخب أو المرشح العادي، وتضيف تعقيدًا إلى التصميم العام، وقد يكون تدقيقها صعبًا، كما أنها تعاني من أخطار البرمجيات الخبيثة.".
يبقى مستقبل التصويت الإلكتروني جزءًا مهمًا من النقاش حول مستقبل الانتخابات، ومع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا في حياتنا اليومية، يبدو من المرجح أن يستمر استخدام التصويت الإلكتروني في النمو. ولضمان نجاحه، يجب معالجة التحديات الأمنية والخصوصية بحكمة، مع التركيز على بناء ثقة الجمهور في النظام، حيث أنه إذا تم تجاوز هذه التحديات، يمكن أن يصبح التصويت الإلكتروني النظام الأساس الذي يساهم في انتخابات أكثر كفاءة ومشاركة أوسع مع الحفاظ على نزاهة العملية الديمقراطية.