بفعل من قوة العادة، عبر قرون عدة، اكتسبت عادة "مضغ القات" قوَّتها وديمومتها ومكانتها في حياة اليمن واليمنيين، رغم إقرار غالبيتهم بمضاعفاتها بالغة السوء على أحوالهم كافة، وبالأخص منها المعيشية والصحية والنفسية وغيرها. إلا أن استفحال هذه العادة في ظل الحرب التي لا تزال تسربل بأذيالها في عموم البلاد، منذ نحو عشرة أعوام، بات ينذر بنتائج كارثية أكثر، ليس على صحة الإنسان فقط، ولكن أيضا على مستقبل الحياة والأرض والبيئة.
صورة ومثال
ما إن يحين وقت القيلولة أو "المقيل" كما يسميه اليمنيون، حتى يأخذ المتحاربون أماكنهم في خنادقهم، واضعين أسلحتهم أمامهم، في نوع قصير ومؤقت من الهدنة، وذلك بهدف التفرغ لمضغ وريقات "القات" جريا على عادة اليمنيين التقليدية في حالات السِّلم أيضا.
ولكن، بمجرد أن تنقضي ساعتان أو ثلاث على قيلولتهم هذه حتى يلتقط كل منهم، على جانبي القتال أسلحته، ويعودون إلى استئناف معاركهم على نحو أشد ضراوة منها في ساعات النهار.
حدث ذلك خلال معظم الحروب النظامية أو شبه النظامية التي خاضها اليمن، على الأقل، خلال قرن مضى.