في 26 مايو/أيار 1926 شكّلت الحكومة اللبنانية الأولى برئاسة الوجيه المسيحي أوغست باشا أديب، قبل أن تكون رئاسة الوزراء في يد المسلمين السنة، وهو العرف المتبع منذ سنة 1943. حتى رئاسة الجمهورية في حينها لم تكن حكرا على المسيحيين الموارنة، وكان رئيس لبنان سنة 1926 المحامي الأرثوذكسي شارل دبّاس، وقد ترشح للرئاسة بعدها بست سنوات الشيخ محمد الجسر، زعيم طرابلس المسلم.
تألفت حكومة أوغست أديب من سبعة وزراء، بينهم أربعة مسيحيين، ووزير واحد لكل من الطوائف السنية والشيعية والدرزية. ذهب المقعد الشيعي إلى علي نصرت الأسعد الذي سمّي وزيرا للزراعة، وهو شاعر ومستشار في محكمة الاستئناف، ونجل الوجيه شبيب باشا الأسعد، زعيم جبل عامل في زمن الحكم العثماني. كانت الزعامة الشيعية في حينها محصورة ضمن العائلات الإقطاعية الكبرى، من آل الأسعد والحسيني وعسيران، وجميعهم لم يختلفوا عن الزعامات التقليدية السنية التي ظهرت في زمن العثمانيين، لا من حيث الثراء والوجاهة، ولا من حيث النفوذ السياسي.
لم يرفع أحدمن هؤلاء الأعيان شعارا طائفيا في حملاته الانتخابية، وكانوا يعدون أنفسهم لبنانيين متساوين مع بقية الطوائف الأخرى، لهم حقوق وواجبات تحت سقف الدولة اللبنانية، وتمثيل سياسي تناسب مع عددهم وتوزيعهم الجغرافي. دخلوا في الجيش اللبناني عند تأسيسه، وشغلوا أرفع المناصب الحكومية، ومنها رئاسة المجلس النيابي ابتداء من سنة 1943.