من العسير أن نضع تعريفا محددا للحب في زمننا، في ظلّ التحولات التكنولوجية المتسارعة، والحروب التي تندلع يوميا حول العالم، مع عودة الأوبئة وضحاياها، مقابل زيادة الطلب على محتوى التنمية الذاتية والتحليل النفسي، في جميع اللغات ومن مختلف الثقافات. ذلك كله وأكثر، تغيّر بلا شك مفهوم الحب وتغيرت طرق التعبير عنه.
السينما التي طالما عكست صورة وردية لاثنين في حالة حب، أو سوداوية كئيبة حين يفقد أحدهما الآخر، لم تستسلم أمام هذه التغيّرات بل سعت إلى مواكبتها. في الأصل، تُعدّ الأفلام الرومانسية أرسخ الأنواع التي بدأ بها فن السينما علاقته الحميمة مع الجمهور، فلا حلم أجمل من حلم الحب، يمكن بيعه لنا كمتفرجين مبهورين، لنعيشه مؤقتا على الشاشة. من السينما الأميركية، ما زلنا نتذكر على سبيل المثل "ذهب مع الريح"، و"تايتانيك". وحتى في السينما المصرية، وهي سينما أكثر تحفظا في التعبير عن الغرام، نتذكر "أغلى من حياتي" و"حبيبي دائما".
في السنوات الأخيرة، لم تعد الرومانسية فنجان السينما المصرية المفضل. تأتي قصة الحب ثانوية في سياق الأحداث، إذ ترتبط أهداف البطل (لأن معظم الأبطال حاليا من الذكور!)، بالتوسع الطبقي والاجتماعي والمادي، ومن بين هذه الأهداف يأتي اقترانه التكميلي بالبطلة. مع ذلك، لا تزال أفلام رومانسية قليلة، بين حين وحين، تخطب ود المراهقين، وتتوسل بمطربيهم المحبوبين. والنتيجة أنه لم يعد في إمكاننا تقريبا مشاهدة أفلام رومانسية بالمعنى الذي عرفناه من قبل. على الضفة الأخرى، لا تزال السينما الأميركية تُنتج هذا النوع وبغزارة، مخاطبةً المستويات كافةً من مراهقين وناضجين، ولا تزال تحقق إنتاجاتها أرباحا ضخمة على مستوى شباك التذاكر العالمي.