هناك وهم سيطر على بعض المنتسبين إلى الأوساط الثقافية فصاروا يرددون أن اللغة العربية جامدة وعاجزة عن التطور، فيما واقع هذه اللغة في المجتمعات العربية يقول غير ذلك.
فالعربية، مثلها مثل الكثير من اللغات الواسعة الانتشار، تتطور بالتزامن مع حركة المجتمع الذي يستخدمها باعتبارها وسيلة التواصل الأولى بين ناسه.
فقارئ النصوص الشعرية التي كُتبت قبل خمسة عشر قرنا سيجد أن الكثير من مفرداتها لم يعد العرب يتداولونها حاليا، كما أن القول بارتباط الجمود اللغوي بانتشار الخطاب الديني المتمثل في نص القرآن لا ينتبه إلى أن الكثير من مفردات القرآن صار لزاما على العرب والمسلمين المعاصرين البحث عنها في قواميس اللغة إذا أرادوا معرفة معناها. فالمجتمعات العربية في معظمها لم تعد، على سبيل المثل، تستخدم مفردات قديمة مثل "الصراط "، "القيوم"، "العهن"، "المفلحين"، "المطففين"، "دثريني"؛ أو تستعيد عبارات مثل "قسمة ضيزى"، "لا ريب"، "ثكلتك أمّك"، "عمت صباحا" و"حسبك".
تميز العربية
لم تكن اللغة العربية مغلقة في إطارها المكاني أو الزماني، وقد احتوت على مفردات عدة منها ما هو مشترك مع لغات أخرى أو بتأثير من مجتمعات هذه اللغات، فعرفنا فيها ما يتطابق أو يتشابه مع السريانية والعبرية واللاتينية والفارسية والتركية والهندية وغيرها، وكانت بعض المفردات تنسب إلى بيئتها الخاصة. مثل ما جاء في التفسير اللغوي، عند ابن منظور في "لسان العرب"، للعبارة القرآنية "إني أراني أعصر خمرا" إذ قال إن الخمر هنا هي العنب وإنها "لغة يمانية"، أي جنوبية.