بعدما نشرنا في "المجلة"، في الحلقات السابقة تفاصيل علاقة الأسد بالخميني وتأسيس "حزب الله" وتمسك "الشيخ بشير" بخروج "أبو عمار" وتفاصيل استسلامه، ننشر في الحلقة الرابعة تفاصيل عن شروط واشنطن في لبنان واتفاق 17 مايو/أيار والصدام السوري - الأميركي حوله:
1- الحلقة الأولى: "أبو نضال" يوفر "ذريعة" الاجتياح... وإيران تؤسس "حزب الله" بمظلة سورية
2- الحلقة الثانية: رسالة من بيغن إلى الأسد: لا نريد قتالكم في لبنان... ويجب إبعاد الفلسطينيين
3- الحلقة الثالثة: إسرائيل تحاصر بيروت... وعرفات "جن جنونه" قبل أن يستسلم
لندن - بعد خروج ياسر عرفات من لبنان في صيف عام 1982، حافظت الولايات المتحدة على وجودها العسكري وقدمت دعماً كبيراً لرئيس الجمهورية أمين الجميل الذي خلف شقيقه "الشيخ بشير" بعد تصفية الأخير على يد عنصر من "الحزب السوري القومي الاجتماعي" في 14 سبتمبر/أيلول 1982. أصرت إدارة ريغان على بقاء قواتها في لبنان، وقالت إنها لن تنسحب إلا بطلب من السلطات اللبنانية، مسوغة قرارها بمحاربة النفوذ السوفياتي في المنطقة والنفوذ الإيراني في جنوب لبنان، الذي بدأ يظهر بشكل واضح من خلال الميليشيات المسلحة التي انبثق عنها تنظيم "حزب الله" سنة 1984.
"الخفاش الأزرق"
لم يكن هذا هو التدخل الأميركي الأول في لبنان وقد سبقه تدخل عسكري مشابه سنة 1958، بطلب من رئيس الجمهورية في حينها كميل شمعون، المحسوب على الغرب والذي كان يصارع ثورة شعبية ضده، أطلقها أنصار الرئيس المصري جمال عبد الناصر بدعم من "المكتب الثاني" في سوريا (شعبة المخابرات العسكرية). أرسلت إدارة الرئيس دوايت أيزنهاور في حينها 14 ألف جندي أميركي إلى الشواطئ اللبنانية (معظمهم من المارينز)، وصلوا بيروت في 15 يوليو 1958، بعد يوم واحد من الثورة المسلحة في العراق التي أطاحت بالملك فيصل الثاني، المحسوب أيضا على الغرب والولايات المتحدة، مثل كميل شمعون. هدفت أميركا من عملية "الخفاش الأزرق" إلى حماية شمعون من مصير مشابه لمصير الملك العراقي، وإلى الحد من نفوذ الشيوعية في الشرق الأوسط. وكانت تعليمات الجنود تأمين مطار بيروت الدولي وحماية شمعون من الغليان الشعبي الناصري في لبنان، وقد سحبت قواتها في 25 أكتوبر 1958، بعد تأمين الرئيس في قصر بعبدا إلى آخر دقيقة من ولايته الدستورية، واستبداله بالجنرال القوي فؤاد شهاب رئيساً للبنان.
الكثير من فرقاء أزمة 1958، كانوا لا يزالون موجودين على الساحة اللبنانية بداية الثمانينات، مثل كميل شمعون نفسه المتحالف مع "حزب الكتائب" والمعارض للوجود السوري في لبنان. وعلى الرغم من تجاوزه عتبة الثمانين من العمر، كان يقود من خلال أولاده ميليشيا عسكرية في الحرب الأهلية. وكان الشيخ بيار الجميل، رئيس "حزب الكتائب" لا يزال أيضا على رأس عمله، متحالفا مع شمعون كما كان الحال سنة 1958.