يولي الإرهابيون اهتماما خاصا بالذكاء الاصطناعي التوليدي، ويعملون على صناعة (إرهابي ملهم) يتسلح بتقنيات تكنولوجية في التجنيد التفاعلي، والدعاية المكثفة، والتضليل، والعمليات الحربية، بل ويشكلون خلايا خاصة بـ"القرصنة والحرب الإلكترونية"، وفق ما أورده منظّروهم، ومنهم عبد الله محمد (اسم حركي) في كتابه "المذكرة الاستراتيجية"، الذي حدد موقع هذه الخلايا وأهميتها في التأمين الدعائى والذاتي، والردع، ومراحل التحرك العسكري وهي "البناء- القتال– التمكين"، وبناء شبكات الرصد والقرصنة، والترويج، وتشييد البنية التحتية، والتأمين الاستراتيجي.
الذكاء الاصطناعي... مهمات جديدة للإرهاب
تشير التقديرات إلى اهتمام كبير توليه التنظيمات الإرهابية لتقنيات الذكاء الاصطناعي، ويُعتقد أنه بين أواخر عام 2016 وأوائل عام 2017 أطلق "داعش" أول سلسلة ناجحة من هجمات "حجب الخدمة" وهي التي تجعل نظام الكمبيوتر غير متصل بشبكة الإنترنت مؤقتًا لمستخدميه، عن طريق استهدافه بآلاف الأجهزة في وقت واحد، فيما يعرف بـ"شبكات الروبوت"، التي استهدفت قطاعات عسكرية واقتصادية وعسكرية.
واستخدم التنظيم أيضا عبر الذكاء الاصطناعي برامج تشفير رسائل البريد الإلكتروني المتبادلة بين أعضائه، وأطلق برنامجا خاصا به سماه "أسرار المجاهدين" لتسهيل الاتصالات السرية، وأنشأ شبكته الخاصة، داعيا في رسالة لأتباعه أوردتها مؤسسته (الصقري للعلوم العسكرية) إلى التشفير القوي والحاد، وأمن المعلومات، وبناء التشفير، ومعرفة التشفير الزائف، وكيفية التشفير بخوارزمية "TWOFISH"و"SERPENT"، وكيفية التأثير النفسي للحرب الإلكترونية، وتحديد المواقع، وإمكانية التعقب دون شبكة خلوية، وطرق تحديد الإشارة (DDF)، وكيفية التمويه ضد التصوير الحراري والحركة والتغيير زمانيا ومكانيا لتضليل العدو.
ونقلت الباحثة ميلي كرييزيس أن "داعش" طوّر برمجية تعمل كامتداد (extension) لمتصفح "كروم" (Chrome) الشهير من "غوغل"، وتقدّم أجوبة من الذكاء الاصطناعي عند إدخال أي طلب أو سؤال، لكنها تعمل في الخلفية بشكل خفي لسرقة ملفات تعريف الارتباط (Cookies) الخاص بحساب "فيسبوك" أثناء تصفح المستخدم، ولم يكتفِ بذلك بل قام بالترويج لها عبر إعلانات في صفحة البحث التابعة لمحرك البحث الشهير، كما أن تنظيم "القاعدة" استخدم طائرات دون طيار منذ عام 2016 تقريبا، وشكّل وحدة "الطائرات دون طيار"، وعمل على المركبات ذاتية القيادة وتقنية التعرف على الوجه لتحديد الأهداف ومهاجمتها بطريقة انتحارية، وفي السياق نفسه أرسل "داعش" في عام 2017 طائرات مسيرة صغيرة على القوات العراقية.
وفي حوار نشرته مجلة "DEFENSE ONE" لأستاذ العلوم الأمنية في جامعة جورج تاون Daveed Gartenstein-Ross، قال إن المجموعات الإرهابية ستستغل الذكاء الاصطناعي، وخاصة مع ازدياد إمكانية وصول الأفراد إلى تكنولوجيا التعلّم الذاتي، واستخدام آليات التشفير الحديثة، وقد قام تنظيم "القاعدة" بتبادل بعض التقنيات وشراء خوارزميات معدة مسبقا أو مخصصة "جاهزة للاستخدام"، وثبت ذلك في عام 2020 حين اشتروا إمكانية الوصول إلى نظام التعرف على الوجه، إضافة إلى تقليلهم من استخدام منصات مثل "Telegram"و"Facebook Messenger"و"Viber"، والعمل على منصات أخرى مشفرة بدلا من ذلك، وتطبيقات مثل "Conversations"، و"Riot"، و"Signal"، و"Wire.41"، ثم استخدام وسائل الاختباء والتواصل بشكل آمن، وبالتالي تجنب اكتشافهم عبر النظام "الفائق" الذي يتجاوز الذكاء البشري من الإبداع إلى حل المشكلات والتعرف على الكلام.