في يوم شهد تطورات سريعة ومكثفة، قامت الهند وكندا بطرد كل منهما كبار دبلوماسييها لدى الأخرى مؤخرا، مما فاقم الأزمة الدبلوماسية التي كانت تتصاعد منذ زيارة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إلى نيودلهي لحضور قمة مجموعة العشرين في سبتمبر/أيلول 2023.
وتعود التوترات إلى اغتيال هارديب سينغ نيجار، وهو داعم بارز لحركة "خالستان" الانفصالية، حيث قتله مهاجمون مقنعون في يونيو/حزيران 2023 في مدينة سوري بمقاطعة كولومبيا البريطانية الكندية. وكانت الهند قد صنّفت نيجار كإرهابي، مما جعل قضيته محورا للنقاش في الاجتماعات رفيعة المستوى بين المسؤولين الكنديين والهنود.
ومع ذلك، فإن السياق الأوسع للنزاع يشمل الشتات الهندي، ولا سيما المجتمع السيخي، الذي يلعب دوراً مهماً في المجتمع والسياسة الكندية. ومن المحتمل أن تتجاوز مخاوف الحكومة الهندية النشاطات السياسية ونفوذ هذا المجتمع في كندا، إلا أن المسؤولين قد يتجنبون مناقشة هذه القضايا بشكل مباشر بسبب الحساسيات الداخلية والدبلوماسية. وقد وجهت الهند، على مدار السنين، اتهامات متكررة لكندا بأنها توفر ملاذا لأنصار حركة "خالستان" و"العناصر الإرهابية والإجرامية".
وقد بلغت حركة "خالستان"، التي تسعى لإنشاء وطن للسيخ في منطقة البنجاب الهندية، ذروتها في ثمانينات القرن الماضي، ولكن قوات الأمن الهندية قمعت هذه الحركة بتكلفة بشرية باهظة. واليوم، لا تحظى فكرة "خالستان" بدعم نشط داخل الهند، ولكنها تركت، مع ذلك، جراحا عميقة في المجتمع السيخي، ولا تزال ذكريات الصراع مؤلمة.
وتبقى الحكومة الهندية على حذر من أي محاولات قد تساهم في إحياء حركة "خالستان" بأي شكل، سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل. ويشكل هذا القلق الشغل الشاغل للهند، وهو يظهر بوضوح من خلال التصريحات الرسمية المتكررة والخلافات المستمرة بين نيودلهي وأوتاوا، بالإضافة إلى الخطاب العام السائد في الهند.
وفي عام 2023، كانت كندا تضم أكبر جالية سيخية خارج البنجاب، حيث يعيش هناك نحو 800 ألف من السيخ. ويتبع السيخ ديانة توحيدية، مما يميزهم عن الهندوسية، الدين السائد في الهند. بالإضافة إلى ذلك، بلغ عدد المواطنين الكنديين من أصول هندية أكثر من 1.5 مليون نسمة العام الماضي، إلى جانب نحو 178 ألفا من الهنود غير المقيمين (NRIs)، بمن فيهم السيخ، الذين يحملون الإقامة الكندية مع احتفاظهم بالجنسية الهندية.
وتثير السياسة السيخية في كندا قلق الهند، لكونها تجري خارج النطاق القضائي والسيطرة الهندية. ويظل السؤال الأساسي: هل تستطيع الهند التأثير على سياسات الهجرة السيخية، سواء بوجود جاستن ترودو في السلطة أو بدونه؟