من بين أعمال الفنانة التشكيلية الروسية زينايدا سيريبرياكوفا الأكثر تفردا، لوحاتها المنجزة إثر رحلتيها المتعاقبتين إلى المغرب، الأولى 1929/1928 والثانية 1932، إذ لم تقتصر تجربتها على رصد غرابة الحياة المغربية في مراكش وحدها، وشمل افتتانها واهتمامها مدنا أخرى كفاس وصفرو ومولاي إدريس زرهون.
تفتقت فكرة الرحلة الأولى عقب مشاركة لها في معرض جماعي ببلجيكا، إذ زار الملك ليوبولد الثالث المعرض وتوقف طويلا بإعجاب أمام لوحاتها وغالبيتها بورتريهات لنساء عاريات، هذا ما لفت انتباه البارون بروير، فاقترح عليها أن ترسم بورتريهات لأسرته. أُعجِب بمنجزها الفني حول أسرته واقترح عليها مرّة ثانية رحلة عمل إلى المغرب حيث يمتلك عقارات خاصة في مراكش، متكفلا نفقات السفر والاقامة شرطَ أن يحتفظ لنفسه بالأفضل مما سترسمه من لوحاتٍ حتما ستنال استحسان ذوقه.
انبهار
ما أن وطئت قدمها مراكش حتى أبهرتها الألوان والروائح والضوء، ثراء الطبيعة الممهورة بالشمس ومعمار القلاع والقصبات المغاير، فضلا عن العادات الغريبة وإيقاع الحياة الشبيه بتخييل ألف ليلة وليلة.
في رسالة إلى ابنتها تاتيانا كتبت زينايدا سيريبرياكوفا:
"الحياة هنا في باريس ليست سوى محض غرور، ولا شيء سوى التوتر واليأس... لكن كيف يمكن للفنان أن يبدع بدون ’الإثارة المبهجة؟’، أمضيت شهرًا واحدًا في المغرب عام 1928، ثم شهرًا ونصف شهر عام 1932، هناك أسرني تمامًا الجمال العفوي، النابض".