ضاحية بيروت الجنوبية... دروب الآلام والإثم والندم

من حروب "حزب الله" الجهادية الافتراضية إلى آلة القتل الإسرائيلية

AP Photo/ Bilal Hussein
AP Photo/ Bilal Hussein
خيم مؤقتة على شاطئ الرملة البيضاء في بيروت لإيواء العائلات النازحة بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية.

ضاحية بيروت الجنوبية... دروب الآلام والإثم والندم

هل من ضرورة ومقدرة بعد على التفكير في القتل والخراب المتأرثين في هذه البلاد المشلولة الإرادة والذاكرة، والذاهبة في التصدع والضياع منذ أجيال كثيرة؟ وبقايا أو فضلات حياتنا وأوهامنا فيها، هل تسعفنا لنقول أي شيء بعد عن مآسيها السابقة، وعن الكارثة التي تحل بها اليوم؟

وهل يفيد بعد أن نصوغ أو نلخص مأساتها بالقول إنها بلاد لم يرض بها معظم جماعاتها ومعظم أهلها، بل هم ينفرون منها لأنهم عاجزون عن محاكاة أو استعادة عظمتها الإمبراطورية القديمة الآفلة، ويعتبرون أنها ولدت مفتعلة، ناقصة ومعتلة، في أزمنتها المعاصرة؟

وهذا كله بعدما قامت قوى غريبة، آثمة وشديدة البأس، بهندستها لهم على نحو ومثال يناسب أهواءها ومصالحها. ولم تكتف تلك القوى بهذا ولا بغرس نبتة سامة في شطر من بلادهم، بل سجنتهم في حدودها التي لا يقرون بشرعيتها، وزودت تلك النبتة السامة القوة والجبروت. وهكذا أجهضت أحلامهم "التاريخية" الكبرى، التي غالبا ما يقتلون دونها، فينكفئون إلى الاقتتال في ما بينهم. أو غالبا ما يؤدي سعيهم في ركاب تلك الأحلام الكبرى إلى اقتتالهم الداخلي المدمر. لكن ما الجدوى من تكرار هذا أو سواه في أحوال بلاد تبدو كأنما منذورة للقتل والخراب؟

الركام والمغفرة

حيال واحدة من كوارثنا، تلك التي حلت بضاحية بيروت الجنوبية، كتب الشاعر عباس بيضون مرثاة تشبه ابتهالا عدميا يقترب من طلب المغفرة والندم المستحيلين: "نتعجب ونحن نرى هذا الركام. نتعجب فقط من الهول. لكننا لا نبكي. دمعة الندم، إذا وجدت، ستكون أكبر من صخرة تسحقنا". وتابع الشاعر متسائلا: "هل ستقول جبال الأحجار والركام هذه مزيدا عن أنفسنا؟ هل نجد إلا ركاما في دواخلنا، وهل الركام الحقيقي على ألسنتنا؟".

كان للتدمير والخراب في ضاحية بيروت الجنوبية، للتهجير والنزوح منها، وللقتل فيها، تاريخ مديد، شأنها في هذا شأن معظم المناطق اللبنانية

أما جوابه عن هذه الأسئلة، فجاء حارقا وليس سوى ضرب من ضروب الغيب: "ربما يكون لنا في الألف الآتية [من السنوات] درس أن نكون أسوياء. أن نحب أمهاتنا، جميلات وغير جميلات. أن نحب أنفسنا، ولا نسقط تحت نرجسية رجولتنا المزدراة. أن يكون لنا بيت وموطن وحياة".

وهذا الذي كتبه عباس بيضون، غير بعيد من لغته شعرا ونثرا في مآسينا وكوارثنا التي لا تحصى. وهو استهله بقوله إن شاعرا، أي شاعر، لم يكتب قصيدة في الضاحية الجنوبية. ثم تساءل معتذرا: "وهل يمكن لشاعر أن يقول شيئا في مساحات مهدمة تحتاج إلى طوبوغرافي، إلى فلكي، إلى مخطط مدن، إلى سينمائي، إلى كومبيوتر، أكثر منها إلى شاعر؟". لكنه سرعان ما بادر إلى اعتذار آخر، أو إلى طلب المغفرة، فكتب: "غالبا ما "اعتبرنا" - أي الضاحية إياها - "مضادة للعمران. ولم نتخيلها إلا ركاما".

Anadolu/ Houssam Shbaro
مشهد من حطام منطقة سكنية ومركبات بعد هجوم إسرائيلي على الضاحية.

الضاحية – النوارة

وكان للتدمير والخراب في ضاحية بيروت الجنوبية، للتهجير والنزوح منها، وللقتل فيها، تاريخ مديد. وشأنها في هذا شأن معظم المناطق اللبنانية. وربما يصعب إحصاء ما أصابها من جولات حروب وتدمير ونزوح وقتل. فالطيران الحربي الإسرائيلي الذي أنزل بها هذه الكارثة المستمرة اليوم، كان استبقها بأخرى في العام 2006. وهذا بعدما كانت الحروب الأهلية الداخلية بدأت فيها سنة 1975.

أما موجات أو نزيف الهجرة الاجتماعية - الاقتصادية إليها من الأرياف الجنوبية والبقاعية الشمالية، للإقامة والسكن فيها، فكانت بدأت مطلع خمسينات القرن العشرين. فنداء المدينة (بيروت)، نداء العمل والتعليم فيها، حمل منذ ذلك الحين أهل تلك الأرياف الفقيرة المهملة على مغادرتها وتركها. وفي السنوات الأخيرة من الستينات أصبحت الهجرة قسرية وحربية من قرى الجنوب الحدودية إلى أحياء ضواحي بيروت. وهذا هربا من مرابطة المنظمات الفلسطينية المسلحة في تلك القرى، ومن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة عليها.

وفي واحدة من جولات حروب لبنان الأهلية والإقليمية المتناسلة في شطرها الثاني (1982- 1990)، بعد غزو إسرائيل لبنان وصولا إلى بيروت صيف 1982، سمى الراحل طلال سلمان - صاحب ورئيس تحرير إحدى أوسع الصحف اللبنانية انتشارا وأشدها فتوة وحماسة للحرب الأهلية على طريق تحرير فلسطين والوحدة العربية - سمى ضاحية بيروت الجنوبية بـ"النوارة". وذلك حينما بدأ يحذف من تسميتها اسم العاصمة وموقع ضاحيتها الجغرافي منها، لتصير "الضاحية" اسما علما تنفرد به وحدها. وكانت أحياؤها تعيش آنذاك أعنف جولات الحروب الداخلية، ويتكاثر فيها القتلى والمشردون منها، ويلفها الظلام والموت، ولا يشع في جنباتها سوى وميض القنابل.

وفي غمرة تلك المقاتل وركام العمران والنزوح، ولد في الضاحية إياها منتصف الثمانينات "حزب الله" وعالمه الخلاصي الأخروي. وذلك بعد نحو سنتين على اجتياح الجيش الإسرائيلي لبنان وصولا إلى بيروت، وخروجه منها مخلفا مجزرة مهولة ببقايا فلسطينيين ومساكنيهم من أهل الضعف اللبنانيين في مخيمي صبرا وشاتيلا، عقب رحيل زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ومقاتليها عن بيروت في ذاك الصيف.

كان نداء بيروت مطلع الستينات قد حملنا ورمانا في حي من أحياء ضاحيتها، وفي تلك الأحياء كان علينا أن نتلقف من ذلك النداء كلمات، نسقط غموضها السديمي على عدمنا وطفولتنا

النساء... والخجل الطائفي

أما أنا كاتب هذه السطور، وبعض من أمثالي المولودين من عدمين في مطالع خمسينات القرن العشرين بقرى أقاصي جنوب لبنان، فكان نداء بيروت مطلع الستينات قد حملنا ورمانا في حي من أحياء ضاحيتها، وفي تلك الأحياء كان علينا أن نتلقف من ذلك النداء كلمات، نسقط غموضها السديمي على عدمنا وطفولتنا ومراهقتنا المديدة طوال عقدين من السنوات، عندما كان يقال إنهما عقدا الوفرة والسعادة وتفتح رغبات الشباب في الستينات والسبعينات.

ورفعنا عدمنا وحواسنا من العماء إلى سديم تلك الكلمات الساحرة والمسحورة كالتعاويذ، علها تخرجنا من العدم والعماء، من أننا نكرات، فنبصر وننطق ونصير مرئيين، وننزع النقمة والمهانات من أرواحنا، والرعب الأبكم من صدورنا والمتشبث بألسنتنا، وكذلك العنف والخدوش عن جلودنا... وغالبا ما كنا نقول "لتخضر جلودنا" في قصائد مراهقتنا البائسة.

Anadolu/ Houssam Shbaro
هاربون من الضاحية، يبحثون عن ملجأ في وسط استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية.

وعندما طلب مني مرة أن ألخص بكلمات قليلة فكرة رواية كتبتها في عنوان "الرجل السابق" (1993)، قلت إنها صوت أشخاص ولدوا من نساء عديمات الأنوثة والأمومة، ومن نفورهم القاسي، الممض والعنيف والمكتوم، من أمهاتهم وحضورهن وكلماتهن ونبرات أصواتهن ولدوا... أي من نفورهم الأليم من كل ما يتراءى لأولئك الأشخاص أنهم ورثوه عن أمهاتهم بدنيا ومعنويا.

ولم يتوقف راوي "الرجل السابق" عن هجاء نسبه إلى "ثقافة" أمه ووالده الموروثة، هجاء أليما مقذعا ولئيما. وهذا فيما هو يعلن رغبته السيزيفية المستحيلة في أن يولد من امرأة غير أمه. امرأة تسقط إليه من علياء نداء المدينة، من شغفه المستحيل بأن يكون في جبلته وهيئته وحركات جسمه وصوته... وليد امرأة... تشبه في حداثتها المتمدنة نساء الإعلانات التجارية التي تلهب مخيلته ورغبته، ضدا ونسخا ومحوا لثقافة الحي البائس الذي ولد وأهله فيه، وأقاموا وعملوا في بيروت عمال نفايات.

وكانت تينك المخيلة والرغبة وليدتي التنوع الاجتماعي والطائفي اللبناني واختلاطه في الربع الأخير من القرن العشرين. وهو اختلاط كان يشوبه ما سماه المؤرخ الاجتماعي والثقافي أحمد بيضون "خجل" اللبنانيين من الطائفية ومن ممارستها عارية ومنفلتة في حياتهم اليومية العامة. وهذا مقارنة بما هم عليه اليوم وقبله في أزمنة حروبهم من استرسال فاحش ومستميت في جعل الطائفية نواة صلبة تصدر عنها أشكال وعيهم وخلافاتهم، وبناء عليها يصرفون شؤون حياتهم كلها.

Anadolu/ Murat Sengul
تصاعد الدخان فوق منطقة الضاحية بعد غارات جوية شنها الجيش الإسرائيلي في جنوب العاصمة.

وقد يكون عباس بيضون محقا في إعادته عاملا عميقا من نكبة ضاحية بيروت الجنوبية، إلى عدم "سويتنا" الناجمة في وجه من وجوهها عن كراهيتنا "أنفسنا". أي عما يشبه نقمة "الرجل السابق" على ولادته من أم غير جميلة جمال حداثة نساء الإعلانات في شوارع بيروت الستينات والسبعينات.

لكن الاسترسال في مقاربة البسيكولوجيا الاجتماعية للجماعات اللبنانية يدخلنا في متاهة لا تنتهي من الأفكار والرؤى عن ثقافة "الأزمنة الحديثة" العربية، وعن "الحداثة" الاجتماعية والثقافية التي قد تكون تزيينية، خلبية وخارجية، في لبنان "الخجل" الطائفي.

وحدهما العروبة الناصرية بخطابتها الجماهيرية التعبوية المحمومة، وكذلك العروبة البعثية السورية والعراقية بنظامهما الديكتاتوري الأمني، سبقتا زمنا "حزب الله" اللبناني

عبودية عسكرية

لكن لسنا وحدنا ولا ثقافتنا العربية الحديثة وحدها أسرى شقاء هذا المأزق الكارثي المدمر الذي عشنا ونعيش. فهناك شعوب وبلاد لا تحصى عالقة فيه على هذه الأرض.

فالروائية البيلاروسية سفيتلانا إلكسيفيتش، صاحبة "نوبل" للآداب سنة 2015، كتبت إحدى أهم رواياتها عن الشقاء الروسي المهول في زمن الاتحاد السوفياتي، الدولة العظمى الزائلة سنة 1989: "زمن مستعمل - نهاية الإنسان الأحمر"، الصادرة بالروسية سنة 2013، وبالعربية سنة 2018، عن "دار ممدوح عدوان" في دمشق.

ومما كتبته ألكسيفيتش في مقدمة روايتها هذه، نقتطف هنا ما قد يفيد في تمثل وجه من وجوه آلامنا وآثامنا وندمنا، تعلقنا المحموم بعظمة تاريخنا الحضاري القديم الآفل، هروبا من التبصر في مآسينا وكوارثنا في الأزمنة المعاصرة: "يريد الإنسان، ببساطة، أن يعيش بلا أية فكرة عظيمة. وهذا لم يحدث أبدا في حياة روسيا، ولم يعرفه الأدب الروسي. وعموما نحن كلنا عسكريون، ممتلئون بروح عسكرية. فإما حاربنا، وإما نستعد للحرب. ولم نعش أبدا بطريقة أخرى".

وتتابع الروائية البيلاروسية: "من هنا جاءت سيكولوجيتنا العسكرية. وحتى أوقات السلم كنا نعيشها وفق نظام وتعبئة عسكريين: الطبول تقرع، والرايات تخفق... والقلوب تخرج من الصدور... وكان الإنسان منا لا يلاحظ عبوديته، بل كان يحبها".

AP Photo/ Hussein Malla
رجل يتأمل المباني المدمرة نتيجة الغارات الجوية الإسرائيلية في الضاحية.

هنا في عالمنا العربي، ربما وحدهما العروبة الناصرية بخطابتها الجماهيرية التعبوية المحمومة، وكذلك العروبة البعثية السورية والعراقية بنظامهما الديكتاتوري الأمني، سبقتا زمنا "حزب الله" اللبناني، في إرساء السياسة والاجتماع على نظام طوارئ حربي داخلي، للتمكن من السيطرة على المجتمع والحياة السياسية وخنقهما بنظام الحزب الواحد القائد للأمة والدولة والمجتمع. وهذا باسم خوض حروب خارجية لم تؤد إلا إلى هزائم مدمرة. وكان لافتا عنوان كتاب الباحث المصري أنور عبد الملك في الستينات: "مصر [الناصرية] مجتمع عسكري".

الحياة إعدام بطيء

لكن "حزب الله" دمج نظام الطوارئ الحربي و"العبودية العسكرية" بعقيدته "الجهادية"، خصوصا وفي حقبة خطيبه وأمينه العام "المجاهد" الأكبر و"الشهيد" الأكبر، حسن نصر الله وأخيه الأكبر قاسم سليماني.

والعقيدة "الجهادية" هذه، استدخلت مجتمع ضاحية بيروت الجنوبية، بل ابتلعته، وجعلته "مجتمعا نقيضا" مرصوصا بلا نتوء، وحولت حياة أهله في الفضاء العام أو في العلانية العامة، إلى حياة وظيفية، طقوسية وشبه آلية: يتكلمون لغة موحدة الألفاظ والعبارات، وتعتمل في صدورهم مشاعر موحدة، وتصدر عنهم انفعالات موحدة أيضا.

وأرسى "حزب الله" حروبه الداخلية والخارجية على رؤيا خلاصية أخروية في الحياة والموت و"الجهاد الاستشهادي" والاغتيالات... حتى قامت الساعة أخيرا. فإذا بكل ما أنشأه وشيده وبناه ونظمه في السر والعلن، وما أنجزه من "تحرير" و"انتصارات إلهية" يصير هباء منثورا.

ذلك أن قوة حربية اسبارطية انقضت على إنشاءاته الحربية تحت الأرض، وعلى مجتمعه "الجهادي" فوقها، بأحدث تكنولوجيات القتل والتدمير، ليس من بعد وببرود آلي بيروقراطي عسكري وعدمي فحسب، بل برجال آليين وروبوتات دموية، لا يبصرون ضحاياهم من البشر والعمران البشري إلا كأهداف متناهية الصغر، كفئران أو أشياء عديمة الجدوى على شاشات إلكترونية خرساء صامتة، صمت ما تخلفه تلك الروبوتات من قتل وموت وخرائب.

بغموض آلي، ومن سماء معدنية صماء خاوية، يطاردنا هذا القتل الذي بلغ أحياء بيروت. وقد يزحف في الجهات والنواحي كلها، حسبما تصدر أحكامه الغامضة بالإعدام ببرود الشاشات الإلكترونية

لكن أولئك الرجال الآليين - الروبوتات الدموية، يظهرون في شريط فيديو متداول في وسائط التواصل الاجتماعي، وهم مصطفون في قاعة كبيرة ينشدون بلغتهم العبرية نشيد القتل والموت، قبل انطلاقهم إلى تنفيذهما من الجو كأحكام إعدام جماعي.

وطوال سنوات سبقت الإبادة الجماعية في غزة، وتنفيذ الإعدامات الجماعية في لبنان، لم يوفر "حزب الله" بدوره سانحة إلا وبث فيها ما صوره من أفلام فيديو عن حروبه "الجهادية" الافتراضية التي يريد "مجاهدوه" خوضها وتنفيذها "على طريق القدس". لكنه في طريقه الموعودة إليها، لم يوفر سانحة إلا ومارس فيها عظامه العسكري على الجماعات اللبنانية والسورية الثائرة على نظام سوريا الديكتاتوري.

وبينما كان "حزب الله" يعمل طوال تلك السنوات على إخضاع اللبنانيين والسوريين لعظامه العسكري الدموي، كان أصحاب تلك التكنولوجيات الدموية يعملون ليل نهار على تحضير خططهم بدقة متناهية، حتى حان تنفيذها بطاقة تفوق قوتها احتمال البشر والطبيعة.

يا لهذا القتل المعدني الجوال الذي يتربص ببقايا بشر وظلالهم في خرائب ضاحية بيروت الجنوبية والجنوب والبقاع الشمالي.

بغموض آلي، ومن سماء معدنية صماء خاوية، يطاردنا هذا القتل الذي بلغ أحياء بيروت. وقد يزحف في الجهات والنواحي كلها، حسبما تصدر أحكامه الغامضة بالإعدام ببرود الشاشات الإلكترونية.

ماذا ينفع الندم بعد اليوم في الأرض اليباب والخراب.

font change

مقالات ذات صلة