تعيش دور النشر في فلسطين ظروفا تختلف باختلاف المكان والظروف الاقتصادية والأمنية التي تعمل فيها. إلا أن الواقع الأشد قسوة الذي يعاني منه الناشرون هو في قطاع غزة، فحتى قبل الحرب الأخيرة التي قضت على كلّ مظاهر الحياة، كان الحصار الإسرائيلي للقطاع، سببا في بتر العديد من مشاريع النشر حتى كاد بعضها يختفي. وخلال العقدين الماضيين ظهرت تجارب نشرية عدة في غزة، لكن القيود المفروضة على إدخال المواد اللازمة هذه الصناعة، دفع معظمها إلى التوقف. فماذا عن الواقع الراهن؟
لم يسلم ما تبقى من مشاريع نشرية في غزة، من ترسانة الاحتلال، فدمّر تماما خلال العدوان المتواصل على القطاع، حيث هدمت الصواريخ الإسرائيلية مكتبة سمير منصور، للمرة الثانية خلال سنوات قليلة، التي نشرت بجهود ذاتية للشعراء والكتاب الغزّيين، وساهمت في الترويج للمنتج الأدبي الفلسطيني عبر المشاركة في معارض الكتب العربية.
وفي ظل ظروف غزة القاسية تأسست أيضا "دار الكلمة للنشر والتوزيع" عام 2005، إذ كان الوعي بأهمية المرحلة الثقافية التي تعيشها فلسطين، سببا من أسباب بقاء الدار، قبل إحراق الجيش الاسرائيلي محتوياتها، شمال مدينة غزة، خلال الحرب الأخيرة. وقد أحرقت إسرائيل داخل الدار، مائة ألف نسخة من الكتب والمجلات العلمية والثقافية، كانت تحفل بها رفوف المكتبة، فأحالتها رمادا.
وإلى وقت طويل عانى أدباء ومثقفو وأكاديميو غزة، من شحّ الموارد الأدبية والعلمية، بسبب الحصار. فغزة تكاد تكون بلا أنشطة ثقافية مؤسساتية منذ عشرين عاما، وتكفي الإشارة إلى أنه لم يقم معرض كتاب في القطاع، بصورة رسمية، خلال هذين العقدين.