لفتت انتباهي، خلال معرض الرياض الدولي للكتاب 2024 الذي اختتم فعالياته في 5 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، ندوة حوارية حول "دور جائزة الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي بين المملكة العربية السعودية، وجمهورية الصين الشعبية".
ناقشت الندوة سبل تعزيز العلاقات الثقافية بمشاركة عدد من الخبراء، فتناولت الآثار الإيجابية للجائزة على التعليم والتنمية لكلا البلدين. وجاء المعرض فرصة لتقديم مجموعة من الكتب والمطبوعات التي تظهر التراثين الثقافيين السعودي والصيني، إضافة إلى ذلك نُظّمت فعاليات حوارية بين الكتّاب والفنانين من كلا البلدين، مما زاد فعالية التواصل المباشر والتشجيع على مشاركة الأفكار.
هذه الجائزة القيّمة تُنظّم سنويا، وتُمثل نقطة توافق بين "رؤية المملكة 2030" ومبادرة "الحزام والطريق" الصينية، وقد أُطلِقت في إطار الجهود المُعزّزة للتواصل والتقارب الحضاري والفني بين البلدين الصديقين، وكمبادرة استراتيجية تهدف إلى تقوية الاتصالات الثقافية الثنائية، وتؤكد التزام الطرفين استثمار إرثهما الحضاري الغني الضارب في التاريخ، وتحتفي بالمبدعين والفنانين الناشئين والمتميزين في هذه المجالات بتقديم منح دراسية وفرص تدريب تساعدهم في تطوير مهاراتهم وتوسيع آفاقهم الإبداعية.
أطلقت فكرة الجائزة للمرة الأولى في العام 2019 خلال الزيارة التي قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للصين لحضور حفل ثقافي وعلمي نظمه فرع مكتبة الملك عبد العزيز العامة في جامعة بكين. وفي شهر مارس/ آذار 2024 دشّن أعمال الجائزة وزير الثقافة السعودي بدر بن عبدالله بن فرحان بفرع المكتبة، وسط حضور شخصيات ثقافية وفنية وعمداء وطلاب جامعة بكين، مما يؤكد مكانة الجائزة باعتبارها فرصة كبرى لتبادل الأفكار والثقافات.
مبادرة استراتيجية تهدف إلى تقوية الاتصالات الثقافية الثنائية، وتؤكد التزام الطرفين استثمار إرثهما الحضاري الغني الضارب في التاريخ
والجائزة التي تستند إلى قيم الانفتاح والتنوع المعرفي، تثبت الرغبة في تعميق المشتركات الإنسانية بين الشعبين باستثمار الإرث الثقافي والفني المتعدد وسائل أساسية للتواصل، إذ يساعد ذلك في كسر الحواجز اللغوية والاجتماعية، مما يتيح للبلدين الانفتاح والتعرف إلى عادات وتقاليد بعضهما، وتوسيع مجالات التفاهم بينهما. هذه القيم تُعتبر دعامة رئيسة في بناء علاقات ثقافية متينة، تتيح أمام عوالم الجائزة استكشاف الآداب المختلفة، وهو ما يساهم في خلق بيئة معرفية غنية ومتنوعة تعود بالنفع على المجتمعين السعودي والصيني.
كما تعد الجائزة منصة مثالية تفاعلية للمبدعين من كلا البلدين، فتتيح لهم تقديم أعمالهم المعبّرة عن ثقافاتهم، ويشمل هذا التفاعل الفنون المرئية والأدب والموسيقى والمسرح، والتي يتم من خلالها تشجيع الفنانين على ابتكار أعمال تعكس تأثير الثقافات المختلفة، وإثراء المشهد الفني.
وتشكل الجائزة جزءا من الجهود المبذولة للتنمية الثقافية، حيث تساهم في إعداد جيل جديد من الفنانين والمبدعين القادرين على تمثيل ثقافاتهم بطرق جديدة ومبتكرة، ومواجهة التحديات العالمية. كما يساهم هذا الاستثمار المعرفي في بناء مجتمع مثقف وواعٍ، يعود إيجابا على التنمية عبر تشجيع المؤسسات التعليمية بالتعاون وتبادل الخبرات، مما يحقق نتائج ملموسة في تمتين الوعي الثقافي لدى البلدين.
تواصل الجائزة عقودا من التعاون الثقافي بين السعودية والصين، وبموجبها تسعى الدولتان إلى تحقيق الشراكة التي تؤكد أهمية الثقافة في تعزيز الروابط
تساند الجائزة المبادرات التي تشجع على الفهم المشترك بين الهويتين الثقافيتين، كما أنها تستلهم قيم طريق الحرير التاريخي، حيث تسعى الى بناء "طريق المعرفة" الذي يربط بين الثقافات المختلفة، هذا الرمز التاريخي يمثل الجسور التي يمكن أن تُبنى بين الحضارات. وتسعى الجائزة لتحقيق التنمية المستدامة من طريق تشجيع المشاريع الأدبية والفنية التي تدعم المجتمعات المحلية، وتحافظ على التراث الحضاري، وتحفز الابتكار في شتّى الفنون، مما يجعلها تساهم في الاقتصاد المحلي، وتوفير البيئات الخصبة للفعاليات التي تضم المجتمعين، وخلق فرص عمل جديدة في جوانب متنوعة.
وبذلك، فإن "جائزة الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي" تواصل عقودا من التعاون الثقافي بين السعودية والصين، وبموجبها تسعى الدولتان إلى تحقيق الشراكة التي تؤكد أهمية الثقافة في تعزيز الروابط، وتوجيهها في المستقبل نحو الابتكار واستخدام التكنولوجيا الحديثة في الفنون والثقافة، لتوسيع نطاق التأثير الثقافي. إذ يمكن الجائزة الإفادة من التحولات الرقمية لتوسيع نطاق تأثيرها، وإتاحة الفنون والآداب للجماهير في جميع أنحاء العالم.