ما زالت العلاقات الجزائرية- الفرنسية تتخبط بلا توقف، فلا يكادان يخرجان من أزمة حتى يجدا نفسيهما أمام أخرى أشد خطورة، مفتوحة على الاحتمالات كافة، وعلى ما يبدو أن الاتفاقية الموقّعة بين البلدين في 27 ديسمبر/كانون الأول 1968، تقترب من أن تصبح أحدث فصول الصراع بينهما، فما هو مضمون هذه الاتفاقية الذي جعلها تثير في كل مرة نقاشا حادا وساخنا بين السياسيين الفرنسيين، وبالخصوص من اليمين واليمين المتطرف؟ وما هو الموقف الفرنسي الرسمي منها؟
صممت الاتفاقية التي وقّعت حينها من طرف وزير الخارجية الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، والسفير الفرنسي في الجزائر جان باديفان، من أجل تسهيل الهجرة الاقتصادية. ولأن المصانع الفرنسية كانت آنذاك في حاجة ماسة إلى اليد العاملة فقد سمحت الاتفاقية السالفة الذكر بولوج 35 ألف عامل جزائري، مقابل البقاء 9 أشهر للعثور على عمل، وفي حال نجاحهم في الحصول على عمل يحصل المهاجرون الجزائريون على تصريح إقامة صالح لمدة 5 سنوات لهم ولأسرهم، وكان بإمكان السياح الجزائريين الحاملين لجواز سفر أن يدخلوا التراب الفرنسي والبقاء فيه 3 أشهر.
ومن المزايا التفضيلية الأخرى التي منحتها الاتفاقية للجزائريين مقارنة بباقي الجنسيات الأخرى، الحصول على ما يعرف بإقامة 10 سنوات بعد 3 سنوات من الإقامة، مقابل 5 سنوات في القانون العام الفرنسي، كما أنه بعد 10 سنوات من الإقامة بفرنسا يمكن للجزائري الذي يوجد في وضعية غير شرعية، الحصول آليا على وثائق الإقامة.
وتسهل الاتفاقية منح الجنسية الفرنسية للجزائريين، الذين ولدوا بفرنسا، وأقاموا بها لمدة تتخطى ثماني سنوات، وتابعوا تعليما بمدارسها، ومن بنودها أن تمنح السلطات الفرنسية تفضيلات في التأشيرة والإقامة للطلبة والباحثين والفنانين والأدباء، وكل من له علاقة بالإبداع والتأليف، إن كان يحمل الجنسية الجزائرية.