أرسلت مصر مجددا شحنة ثانية من الأسلحة في أقل من شهرين إلى الصومال، في القرن الأفريقي. وقد وصلت هذه الشحنة التي تشتمل على مجموعة واسعة من المعدات العسكرية، بما في ذلك الذخائر والمدافع المضادة للطائرات والمدفعية، ميناء مقديشو في سبتمبر/أيلول.
يأتي هذا الدعم في إطار اتفاقية دفاعية بين القاهرة ومقديشو، جرى توقيعها في منتصف أغسطس/آب، فانهيار كامل للصومال قد يؤدي إلى تفاقم الفوضى الجيوسياسية الأوسع التي تجد مصر نفسها متورطة فيها، بما في ذلك الحرب في غزة، والصراع المدني في السودان، وتدهور الأوضاع في لبنان.
للوهلة الأولى قد يبدو أن مصر لم تقرر تقديم الدعم العسكري والاستخباراتي والسياسي للصومال، إلا بعد أن وقعت إثيوبيا، خصم مصر الإقليمي منذ فترة طويلة، اتفاقا في يناير/كانون الثاني من هذا العام، مع منطقة أرض الصومال الانفصالية، بغية حصول إثيوبيا التي تحيط بها الجبال، على موطئ قدم لها على البحر الأحمر. إلا أن الحقيقة هي أن مخاوف مصر من الأضرار التي قد يلحقها انهيار الصومال بالأمن القومي والمصالح الاقتصادية المصرية، سابقة على الاتفاق المصري-الصومالي.
ولا شك في أن رغبة إثيوبيا في ترسيخ وجودها على البحر الأحمر، على بعد مئات الكيلومترات فقط من المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، تثير حالة من الذعر في القاهرة. ويتفاقم هذا القلق بسبب التنافس التاريخي بين القاهرة وأديس أبابا، والتوترات المستمرة بين العاصمتين حول سد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق، وسجل إثيوبيا في النزاعات الإقليمية.
ومع ذلك، فإن إثيوبيا ليست سوى جانب واحد من مخاوف مصر بشأن الصومال. على الرغم من الطبيعة الوجودية للصراع بين البلدين، خاصة في ضوء الطموحات الإقليمية لإثيوبيا وسعيها الواضح لتصبح قوة مهيمنة في حوض النيل من خلال السيطرة على تدفق النيل عبر بناء السدود، فإن مخاوف مصر تتجاوز هذا الصراع الثنائي. فالنيل، باعتباره المصدر الرئيس للمياه العذبة لسكان مصر البالغ عددهم 106 ملايين نسمة، يشكل عنصراً محورياً في الديناميات الجيوسياسية الأوسع التي تشهدها المنطقة.
اندماج خطير
إلى ذلك، تسعى مصر إلى ضمان أن يكون الصومال قوياً بما يكفي للحفاظ على وحدة أراضيه وتماسكه في مواجهة احتمال التفكك. هذا التهديد لا يظهر فقط في حالة أرض الصومال، ولكن أيضاً في حالة بونتلاند، وهي ولاية في شمال شرقي الصومال تسعى بدورها إلى الانفصال. ويبدو أن ضعف الصومال يخدم الطموحات الإقليمية لإثيوبيا، حيث يُعتقد أن أديس أبابا تدعم هاتين المنطقتين الانفصاليتين بوسائل شتّى، بما في ذلك من خلال تزويدهما بالأسلحة.
ومع ذلك، فإن هذا ليس سوى جانب واحد من التحديات الأكبر التي يواجهها الصومال، الذي يواجه أيضاً تهديد الإرهاب، وخاصة من حركة "الشباب" المرتبطة بتنظيم "القاعدة"، والتي تتنازع السيطرة على أجزاء كبيرة من البلاد مع الحكومة الفيدرالية في مقديشو.