التكنولوجيا المتفوقة رافعة إسرائيل عسكريا وأمنيا واقتصاديا

القطاع يمثل 20% من الناتج المحلي الإجمالي والبلاد موطن لأكثر من 9 آلاف شركة منها الأكبر في العالم

التكنولوجيا المتفوقة رافعة إسرائيل عسكريا وأمنيا واقتصاديا

يُعدّ قطاع التكنولوجيا في إسرائيل من أكثر القطاعات تطوراً في البلاد، وقد أنفقت إسرائيل 6 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي على البحث والتطوير في عام 2022 وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، وهي أعلى نسبة في العالم. وصنفت إسرائيل في عام 2021 في المرتبة السابعة على مستوى العالم من حيث الابتكار في مؤشر "بلومبرغ" للابتكار، وجاءت في عام 2022 في المرتبة 16 في نسبة المقالات العلمية المنشورة بحسب "نايتشر إندكس".

ووفقاً لتقرير الـ"يونيسكو" عام 2016، "بلغ عدد العلماء والفنيين في إسرائيل 140 عالماً وفنياً لكل 10 آلاف موظف، وهي واحدة من أعلى النسب في العالم. بالمقارنة، كان هناك 85 لكل 10 آلاف في الولايات المتحدة، و83 في اليابان".

وفي تقرير للمنظمة نفسها في فبراير/شباط 2024، "تُعدّ إسرائيل موطنًا لعلماء من المستوى الأعلى (من بينهم خمسة حائزين جائزة نوبل)، وقد حققت الاستثمارات الضخمة في البحث والتطوير في إسرائيل أداءً إبداعياً قوياً من حيث براءات الاختراع والتكنولوجيات المنقولة إلى السوق. وهو نجاح كبير يسجل لدولة ذات موارد طبيعية قليلة حولت اقتصادها الى مصاف ينافس أكبر دول العالم من خلال تطبيق البحث والابتكار.

منطقة "سيليكون وادي" في إسرائيل تعمل كأحد المراكز العالمية للتكنولوجيا المتقدمة، وتمتد عبر السهل الساحلي الإسرائيلي، وتتركز هذه الصناعة الفائقة التطور حول تل أبيب

ففي العقدين المنصرمين، نجحت إسرائيل في إرساء اقتصادها على المعرفة العلمية المكثفة، مع مساهمة المنتجات التقنية الرفيعة المستوى والمتوسطة بشكل كبير في الميزان التجاري. وتعمل سوق رأس المال الاستثماري الحيوية على تعزيز الابتكار من قبل الشركات الصغيرة والناشئة.

واستفادت صناعة التكنولوجيا المزدهرة في إسرائيل من قوة العمل المتعلمة والماهرة تكنولوجياً، ومراكز الأبحاث المتطورة، إلى جانب الحضور القوي لكبرى شركات التكنولوجيا الأميركية والأجنبية واستثماراتها في إسرائيل.

ديانا استيفانيا روبيو

أنظر إنفوغراف: الذكاء الاصطناعي سلاح فتاك للجيش الإسرائيلي

وتُعدّ إسرائيل موطناً لشركات كبرى في صناعة التكنولوجيا الفائقة ولديها أحد أكثر الشعوب إلماماً بالتكنولوجيا في العالم. ويمثّل قطاع التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل 20 في المئة من الناتج الاقتصادي للبلاد، بحسب ما نقلته "رويترز" عن هيئة الابتكار الإسرائيلية (IIA) في يونيو/حزيران 2024. وتأسست نحو 600 شركة ناشئة جديدة في عام 2023، بينما جمعت شركات التكنولوجيا 8 مليارات دولار. وتفيد إحصاءات أنه يوجد في إسرائيل نحو 9200 شركة تكنولوجيا بقوة عاملة تبلغ 400 ألف شخص.

موطن أكبر شركات التكنولوجيا في العالم

وفي إسرائيل منطقة تُدعى "سيليكون وادي" (على غرار "سيلكون فالي" في كاليفورنيا) تعمل كأحد المراكز العالمية للتكنولوجيا المتقدمة، وتمتد عبر السهل الساحلي الإسرائيلي، كما تتركز الصناعة التكنولوجية الفائقة في المنطقة حول تل أبيب.

كل دولة تحتاج إلى مزيج من جهد الدفاع الإلكتروني الوطني وصناعة الأمن الإلكتروني القوية. وأعتقد أن إسرائيل لديها ذلك بطرق لا مثيل لها، وقد قررت قبل سنوات عدة تحويل إسرائيل إلى واحدة من القوى السيبرانية الخمس في العالم

بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي

ومن أهم شركات التكنولوجيا العالمية التي لديها مقارّ في إسرائيل، "آي. بي. إم"، "موتورولا"، "إنتل"، "مايكروسوفت"، "أبلايد ماتيريالز إنك."، "كوالكوم"، "سيسكو سيستمز"، "هوليت-باكارد"، "ساب إس. إي."، "ألكاتيل لوسنت"، "بي. إم. سي. سوفتوير إنك."، "فيليبس"، "تكنولوجيز إنك."، "برودكوم"، "مارفل"، "سيمنز"، "إي. إم. سي. كوربورايشن"، "سان ديسك"، "غوغل"، "مايكرون"، "آبل"، "ميتا"، "أوراكل"، "أمازون"، "إي. باي"، "علي بابا"، وغيرها.

وفي يونيو/حزيران 2023، أعلنت شركة "إنتل"، أكبر شركة توظيف في إسرائيل، أنها ستنفق 25 مليار دولار على مصنع جديد في كريات جات، من المقرر افتتاحه في عام 2027، وسيكون أكبر استثمار دولي على الإطلاق لإسرائيل. 

وكانت إسرائيل استضافت مؤتمرا للتكنولوجيا السيبرانية في 2019 في تل أبيب، تحدث فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تطورات الصناعة وكيف يتم استخدامها "ضد أعداء البلاد"، وقال: "أي دولة يمكن أن تتعرض للهجوم اليوم بهجمات إلكترونية، وكل دولة تحتاج إلى مزيج من جهد الدفاع الإلكتروني الوطني وصناعة الأمن الإلكتروني القوية. وأعتقد أن إسرائيل لديها ذلك بطرق لا مثيل لها في كثير من النواحي".

وأضاف: "لقد قررت قبل سنوات عدة تحويل إسرائيل إلى واحدة من القوى السيبرانية الخمس في العالم وهذا يتطلب السماح لهذا المزيج من الاستخبارات العسكرية والأوساط الأكاديمية والصناعة بالتقارب في مكان واحد. والمكان الذي نفعل ذلك فيه هو بئر السبع في الجنوب".

تُعدّ إسرائيل موطناً لأكبر شركات صناعة التكنولوجيا في العالم، ولديها أكثر من 500 مركز أبحاث وتطوير لشركات متعددة الجنسيات والعديد منها على قائمة "فورتشن 500"

وشهدت بئر السبع، وهي مدينة تقع في صحراء النقب في جنوب إسرائيل، توسعاً سريعاً مدفوعاً بالطموح لتصبح عاصمة الإنترنت في إسرائيل، وخصوصا منذ إنشاء الحديقة الصناعية الإلكترونية "سايبر سبارك" (CyberSpark)، ويضم مجمعين حديثين وعشرات الشركات الإسرائيلية والشركات الناشئة وصناديق رأس المال الاستثماري والشركات الأجنبية، مثل "لوكهيد مارتن" و"دويتشه تيليكوم" و"أوراكل" و"آي. بي. إم." التي توظف الآلاف من الفنيين والمهندسين والباحثين الذين درس العديد منهم في قسم علوم الكومبيوتر في جامعة بن غوريون، كجزء من التقارب المخطط له بين الجامعة والشركة.

غيتي
مهندس يفحص رقاقة إلكترونية في غرفة للحفاظ على أشباه الموصلات في مصنع "Tower Semiconductor" في إسرائيل، 28 فبراير 2022.

كذلك، تُعدّ إسرائيل اليوم موطنًا لأكثر من 500 مركز بحث وتطوير لشركات متعددة الجنسيات، والعديد منها شركات من قائمة "فورتشن 500".

التكنولوجيا في خدمة الحرب والاغتيالات

تعتبر هيئة الابتكار الإسرائيلية، المسؤولة عن سياسة الابتكار في البلاد، كياناً مستقلاً مهمتها الاستثمار في الابتكار من أجل تعزيز النمو المستدام والشامل.

وتوفر هيئة الابتكار الإسرائيلية مجموعة متنوعة من الأدوات العملية ومنصات التمويل التي تهدف إلى معالجة الاحتياجات الديناميكية والمتغيرة لأنظمة الابتكار المحلية والدولية. كما تقدم منحًا مشروطة لدعم الابتكارات التكنولوجية فضلاً عن المشاركة في إنشاء الأسس والبنى الأساسية للتحضير للتكنولوجيات المستقبلية من أجل الحفاظ على الريادة التكنولوجية والاقتصادية، فضلاً عن تحسين الإنتاجية والقدرة التنافسية العالمية للاقتصاد الإسرائيلي.

على مدى عقود عمل الجيش الإسرائيلي على تطوير قدرات التشويش والانتحال الالكتروني، والتنصّت والاختراق لشبكات اللاسلكي والهاتف الخليوي والثابت، والسيطرة على شبكات الإنترنت

ضجّت وسائل الإعلام بحدث التفجير المتزامن الذي طال الآلاف من أجهزة النداء "البيجر" وأجهزة اللاسلكي "Icom V82" التي يحملها المسؤولون في "حزب الله" اللبناني والعناصر المنضوية فيه، والذي أودى بحياة نحو 40 شخصاً وإصابة وجرح نحو 3 آلاف شخص. وقبل عملية تفجير الأجهزة، صدرت تقارير عدة عن تلاعب إسرائيل بإشارات نظام تحديد المواقع العالمي "جي. بي. إس." (GPS) والتشويش عليها. ويسمى هذا الانتحال "جي. بي. إس. سبوفينغ" (GPS spoofing)، وهو لا يحجب إشارة نظام تحديد المواقع العالمي، بل يربكها.

على مدى عقود عمل الجيش الإسرائيلي من خلال أجهزة استخباراته، وبالتعاون مع المخابرات الغربية، وفي مقدمها أجهزة الإستخبارات الأميركية، والجواسيس والعملاء والمخبرون المحليون، وكذلك التعاون مع شركات ومنصات التواصل الاجتماعي، على جمع المعلومات والتفاصيل.

إقرأ أيضا: حرب لبنان... مدخل إسرائيل إلى تغيير المنطقة

كما تعاون مع شركات المعلومات والتطبيقات والتكنولوجيا، ومنها الذكاء الاصطناعي، على تطوير قدرات التشويش والانتحال الالكتروني، والتنصّت والاختراق لشبكات اللاسلكي والهاتف الخليوي والثابت، والسيطرة على شبكات الإنترنت، وحوّل قدراته الالكترونية إلى سلاح حربي فتّاك لشلّ وإرباك قدرات خصومه وصولاً إلى اغتيالهم وتفجيرهم عن بُعد.

font change

مقالات ذات صلة