عندما صدر فيلم "جوكر" Joker في 2019، كان الجمهور متعطشا لإلقاء نظرة جديدة على الشخصية بعد الفشل الذريع في تجسيدها الأخير مع جاريد ليتو في فيلم "كتيبة الإعدام" The Suicide Squad. كيف لا وبطولة الفيلم من نصيب أحد أفضل ممثلي هذا الجيل، واكيم فينيكس. ومع انضمام الممثل القدير روبرت دي نيرو، كانت كل المؤشرات تسير في الطريق الصحيح، والتفاؤل بنجاح هذا الفيلم بلغ أعلى مراحله.
نجحت نسخة المخرج تود فيليبس تلك في إعادة إحياء الشخصية، فأحدث الفيلم ضجة كبيرة ولاقى استحسانا كبيرا من الجماهير، ولسبب غريب كانت هناك تحذيرات من درجة العنف في الفيلم، أقول "غريب"، لأن درجة العنف لم تكن شيئا خارجا على المألوف على الإطلاق، لكن هذه التحذيرات جعلت درجة من الغموض والسحر تكتنف الفيلم، كأنه رواية ممنوعة من النشر. ترشح الفيلم لـ 11 جائزة أوسكار وحصل على اثنتين منها، إحداها كانت أول جائزة اوسكار في مسيرة واكيم فينيكس.
شخصية مفككة
يأتي تود فيليبس بفيلمه الثاني عن الـ"جوكر"، محاولا تقديم نظرة أعمق ودراسة أكثر صدقية للشخصية، وهذه المرة يبدو أن الفشل يأتي كضربة ساحقة على المستوى النقدي والجماهيري، والجماهير التي كانت تتغنى بأداء واكيم فينيكس وتصوير تود فيليبس للرقصة الشهيرة على السلالم في الجزء الأول، تعبر عن سخطها اليوم. فماذا تغير؟ إن نظرة تود فيليبس عن الشخصية لم تتغير قطعا، وأداء واكيم فينيكس لم يتأثر إطلاقا بمرور الوقت، وهناك خيارات سردية غريبة ومحاولات جريئة، لكن أجواء الفيلم وجوهر الشخصية لا يزالان من العناصر المرتبطة ارتباطا وثيقا بالفيلم السابق.
يتركنا ذلك أمام استنتاج قد لا يرغب البعض بالاعتراف به، وهي أن الفيلم الأول لم يستحق نسبة النجاح التي حققها، وأن تود فيليبس لا يفهم الشخصية حقا، لكن الهالة الإعلامية التي أحاطت بالفيلم الأول وتقبل الناس لجوكر جديد من واكيم فينيكس ساهما بشكل كبير في هذا النجاح.
قواقع الأمر أن جوكر تود فيليبس شخصية مملة، فهو درامي بإفراط، لا يتخطى كونه واعظا استطاع الانتفاع من موجة سخط مجتمعية على الأوضاع. يحرص فيليبس على تقديم الجوكر في إطار تراجيدي بحت وكأنه يبحث عن تبرير لجرائمه، وكأنه خائف من أن يكون بطل فيلمه شخصا شريرا. فهو حتى لا يقدم صورة رمادية عن هذا البطل وعن الصراعات التي يعيشها، بل يريد أن يبرئه من كل جرائمه في صورة ناصعة البياض.