لم يكن سهلا اختيار قصة غلاف "المجلة" لشهر أكتوبر/تشرين الأول. فبين يوم وآخر من سبتمبر-أكتوبر، تحصل مفاجأة كبرى في الشرق الأوسط، تستحق أن تكون موضوع الشهر.
كنا نعد ملفا عن سياسات المرشحَين في الانتخابات الرئاسية الأميركية، نائبة الرئيس كامالا هاريس ودونالد ترمب، في الشرق الأوسط، مع قرب موعد الانتخابات في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، وآخر عن الذكرى السنوية الأولى لحرب غزة، إضافة إلى ملف خاص عن كارثة المخدرات العابرة للحدود في المنطقة. لكن النصف الثاني من سبتمبر/أيلول، كان حافلا بالتطورات الاستثنائية، بدءا من الاختراقات الاستخباراتية الإسرائيلية لـ"حزب الله"، وتفجيرات "البيجر"، واغتيال قادة التنظيم، بمن فيهم الأمين العام حسن نصرالله والانهيار السريع لـ"الحزب"، وانتهاءً بـ"مفاجـآت أخرى" يتحدث عنها مسؤولون إسرائيليون.
يستحق أن يكون اغتيال نصرالله قصة الغلاف. فهو نهاية مرحلة وحدث كبير بكل المعاني، تضمن تجاوز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "خطا أحمر" كان موضوعا من قبل واشنطن، ما ساهم في هروبه من الموت مرات عدة وبقائه في منصبه لأكثر من ثلاثة عقود. موضوع مهم، لأنه سيترك مع حملة الاغتيالات والضربات آثارا كبيرة على بنية "الحزب"، رأس حربة "محور الممانعة" ووكيل تمدد نفوذ إيران في "ساحات عربية" عدة، من العراق إلى سوريا وصولا إلى اليمن.
صواريخ وغارات معلنة وصريحة على أهداف حيوية وبمهلة زمنية أقصر، ما يهدد بتلاشي "الخطوط الحمراء" وتجاوز "قواعد الاشتباك" في الإقليم، والانتقال إلى ضربات مؤلمة
لم يكن الاغتيال الكبير آخر الأحداث الكبرى في الشهر الماضي، إذ أعقبه بدء غزو بري إسرائيلي لجنوب لبنان وتوسيع نطاق الضربات في البلاد وبيروت وضاحيتها الجنوبية وسوريا ودول أخرى في الشرق الأوسط، كما أعقبه تبادل القصف المباشر بالصواريخ والغارات بين إسرائيل وإيران.
انهيار "حزب الله" على وقع الضربات الإسرائيلية، دفع طهران إلى رفع مستوى المواجهة مع تل أبيب. لم تنتقم لاغتيال رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية في أحد قصورها الرئاسية وعلى هامش الاحتفال بتنصيب رئيسها الجديد مسعود بيزشكيان، لكنها قررت باسم هنية أن تنتقم من إزاحة نصرالله بغارات ثقيلة في جوف ضاحية بيروت، فضربت إسرائيل بـ180 صاروخا بداية أكتوبر، وسط توقع بالرد من تل أبيب.
ليست المرة الأولى التي تجري فيها مواجهة مباشرة بين الطرفين. حصل هذا في أبريل/نيسان الماضي. قصف إيراني بنحو 300 مسيرة وصاروخ على إسرائيل، ردا على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، ثم قيام تل أبيب بضربة غامضة قرب منشآت نووية في أصفهان. لكن "جولة أكتوبر" من المواجهة المباشرة رفعت السقف درجة إضافية: صواريخ وغارات معلنة وصريحة على أهداف حيوية وبمهلة زمنية أقصر، ما يهدد بتلاشي "الخطوط الحمراء" وتجاوز "قواعد الاشتباك" في الإقليم، والانتقال إلى ضربات مؤلمة أكثر... وتدحرج كرة النار في الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر 2023.
كيف انهارت أسطورة "حزب الله" خلال أسبوع؟ ما تأثير اختراقات "الحزب" على "محور الممانعة"؟
الجمع بين انهيار "حزب الله" والمواجهة الإيرانية-الإسرائيلية، يستحق أن يكون قصة غلاف "المجلة" لشهر أكتوبر.
نعالج الموضوع من جميع جوانبه. كيف انهارت أسطورة "حزب الله" خلال أسبوع؟ ما تأثير اختراقات "الحزب" على "محور الممانعة"؟ ولماذا رفض الرئيس الأميركي جورج بوش الابن إعطاء الموافقة لإسرائيل باغتيال "الثلاثي" قاسم سليماني وعماد مغنية وحسن نصرالله خلال حرب عام 2006؟ وكيف ولماذا اغتيل مغنية في دمشق عام 2008، وسليماني في بغداد في 2020، ونصر الله في الضاحية في 2024؟
ونقدم التسلسل الزمني لسنة ثقيلة وبطيئة في هذا القسم من الشرق الأوسط، بدءا من هجمات "حماس" في 7 أكتوبر مع تركيز على حجم الكارثة الإنسانية في غزة، وانتهاء بانتقال التركيز الإسرائيلي على "الشمال"، أي جنوب لبنان، مع مراجعة نقدية لغياب الاستراتيجية الفلسطينية مقابل الخطط الإسرائيلية الثابتة، وأهمية طرح اقتراحات لتفعيل "حل الدولتين".
في الانتخابات الأميركية، "القيصر" له مرشحه، و"المرشد" له مرشحه، و"الأخ الأكبر" الصيني... اللاعب الكبير
كما يعرض العدد قراءة في تأثر هذه الملفات والعلاقات مع دول رئيسة في الإقليم بفوز هاريس أو ترمب، ومدى سلاسة الانتقال السياسي في البيت الأبيض، والسيرة الكاملة لـ"المقترع الرئيس"، جيروم باول، رئيس الفيدرالي الأميركي، إضافة إلى مدى التدخل السيبراني الروسي والإيراني في الانتخابات. "القيصر" له مرشحه، و"المرشد" له مرشحه، و"الأخ الأكبر" الصيني اللاعب الكبير.
ويتضمن العدد أيضا، ملفا خاصا، بالتحليل والأرقام والرسوم، عن الاقتصاد السعودي وديناميكيته وقدرته ومرونته في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية في الطريق إلى "رؤية 2030".
كما تقدم "المجلة" في عددها الشهري رصدا للاتجاهات الثقافية في المنطقة وآسيا والعالم بمقالات ومقابلات. وفي الصفحة "الأخيرة"، مقال للكاتب الكبير أدونيس، بعنوان: "من أين يجيء هذا الوباء؟".