إذا كان شهر أبريل/ نيسان ثمرة للقسوة بحسب الشاعر إليوت الذي ينعته بأقسى الشهور في أرضه المطبقة يبابا، فأكتوبر/ تشرين الأول محض بلاد رعب بحسب الروائي ري برادبري، بالنظر إلى عنوان كتابه القصصي "بلاد أكتوبر" المنتخب من قصصه الأولى على سبيل التنقيح، "كرنفال الظلام".
إذا ما التفتنا إلى أرشيف أكتوبر المريب على مدار القرن الماضي حتى اللحظة في العقدين الأوّلين ونيّف من القرن الآني، فسنلفي رصيدا قلقا، رماديا وعنيفا في آن، موشوما بالطفرات المباغتة، بالتحولات المفاجئة، بالمتغيرات الحادّة، إن في منحى نوعيّ صعودا، أو في منحى انتكاسيّ انخفاضا أو انحدارا.
حرب أكتوبر
في الذاكرة العربية القريبة يرنُّ معدن حرب أكتوبر 1973 والمفارقة أن يلي هذا الصدى المبهج للنصر على إسرائيل بثماني سنوات اغتيال السادات في شهر أكتوبر نفسه 1981. روايات وقصص قصيرة ومسرحيات وأفلام وقصائد عربية حاولت الاحتفاء بمنجز أكتوبر 73 غير أن معظمها جاء فجّا لم يحترم المسافة لتحقق استيعاب تخييل اللحظة، وهذا حال الأعمال الأدبية المحكومة بحمّى التسرّع، إذ يحتوي السياسي الأدبي وليس العكس، وألمع الأمثلة في التأرجح التسجيلي والفني ما كتبه جمال الغيطاني في رواية "الرفاعي"، وحنا مينة في رواية "المرصد"، وعبد السلام العجيلي في رواية "أزاهير تشرين المدماة" ومبارك ربيع في رواية "رفقة السلاح والقمر" وغيرهم تمجيدا لأثر هذا المنعطف.