كانت سوريا أرضا خصبة لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لدراسة "حزب الله" جيدا، وجمع أكبر كمّ من المعلومات عنه، عندما نشر "حزب الله" قواته لدعم الرئيس بشار الأسد ضد الانتفاضة عام 2012، فقد كانت فرصة ذهبية لأجهزة المخابرات الإسرائيلية لاختراق التنظيم.
فعناصر "حزب الله" تتمركز في مناطق محددة، يمكن رصدها بدقة، وتتبع واعتراض الاتصالات والأنشطة السيبرانية كافة، كذلك التصوير عالي الدقة لكل العناصر، سواء أثناء الإعاشة أو القتال أو المناسبات الاجتماعية (أفراح، عزاء، وتشييع موتى).
وقد تمكنت إسرائيل بالفعل من الحصول على كم ضخم من البيانات عن المنتسبين من أعلى القيادات إلى أحدث المقاتلين، بما في ذلك صورهم، وأرقام هواتفهم، وكذلك معلومات عن أفراد أسرهم وأقاربهم، كما ساهم تتبع النشاط على مواقع التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، في رسم شبكات العلاقات والتفاعلات، مع استغلال خاصية تحديد المحل في رسم خريطة التحرك، والانتقال داخل حدود الدولة أو خارجها، وإذا تم تغيير شريحة الهاتف، يمكن التعرف من خلال الرقم المسلسل للهاتف، وإذا غير الهاتف والرقم يمكن تحديث البيانات من خلال تتبع بصمة الصوت عند الاتصال بالأسرة أو زملاء آخرين، ومثل هذه البيانات تتخطى مصطلح "قواعد البيانات"، إلى ما يسمى "مستودعات البيانات"، وبمعالجتها وتحليلها تنتج "قاعدة معلومات"، وبالتنقيب فيها عن العلاقات والنماذج المُخبأة تنتج "قاعدة معرفة".
إحدى المهام الرئيسة التي نفذتها الاستخبارات الإسرائيلية في سوريا، هي تنفيذ المؤامرات التي تؤدي إلى أن يقاتل أعداء إسرائيل بعضهم بعضا، دون تورط إسرائيلي أو تكلفة، وهذه البيئة الاستراتيجية، تكونت في الأزمة السورية، بنشوب صراع بين معسكر النظام السوري مدعوما بـ"حزب الله" الشيعي، في مواجهة تنظيمات متطرفة غير شيعية، وطرف ثالث يعارض النظام ضد المعسكرين، فأصبحت هناك فرصة لزرع عملاء في المعسكرات الثلاثة وتجنيدهم.
لقد توسع "حزب الله" في ضم عدد كبير من المنتسبين بطريقة المرتزقة، دون عملية فرز أمني مناسب، كذلك فإن العمل في دولة أخرى، وفي بيئة غير نظامية، أفقد قيادة "الحزب" إمكانية المراقبة، والحفاظ على الانضباط، إلى جانب معسكر التنظيمات التكفيرية والمتطرفة، والتي من السهل تجنيد وزرع عملاء عن طريقها.