قصف إيران لإسرائيل مساء الثلاثاء الماضي بنحو 200 صاروخ بينها الكثير من الصواريخ الباليستية، كان عمليا إيذانا مباشرا بانتقال المواجهة الرئيسة في المنطقة لتكون بين تل أبيب وطهران، عوض أن تكون كما هي الحال منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بين إسرائيل وحلفاء إيران الإقليميين وبالأخص "حماس" و"حزب الله".
صحيح أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ولبنان مستمرة وعلى تصعيد مفتوح خصوصا مع بدء الغزو البري الإسرائيلي للأراضي اللبنانية. لكن في المقابل فإن الضربات الموجعة جدا التي تلقاها "حزب الله" خلال الأسبوعين الماضيين إلى حد طرحت معه أسئلة عن إمكاناته لإعادة تنظيم صفوفه ولاسيما على مستوى القيادة العليا والاستمرار في المواجهة بتناسب مع التصعيد الإسرائيلي، قلب المعادلة التي كانت تركن إليها إيران منذ السابع من أكتوبر الماضي والقائمة على إبقاء المواجهة محصورة بين وكلائها الإقليميين وبين إسرائيل من دون أن تتدخل مباشرة في المعركة إلى حدود يمكن أن تدفعها للانخراط في حرب مفتوحة مع إسرائيل أو أقله في سلسلة من الردود المتبادلة يمكن أن تصيب طهران ونظامها بأذى كبير.
هذا فارق أساسي عن الرد الإيراني على إسرائيل في ليل 13-14 أبريل/نيسان الماضي بعد قصف الأخيرة القنصلية الإيرانية في دمشق واغتيال جنرال كبير في "الحرس الثوري" الإيراني. فالرد الإيراني على إسرائيل الثلاثاء الماضي، والذي قالت طهران إنه جاء انتقاما من إسرائيل لاغتيالها الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله الرأس الثاني لـ"محور المقاومة"، يتجاوز في معانيه وفي توقيته مسألة الانتقام ذاك. فهذا الرد يأتي كتعويض إيراني عن عدم قدرة "حزب الله" على الرد على حدث اغتيال أمينه العام بما يتناسب مع حجمه، لكنه كذلك وبالدرجة الأولى يأتي في سياق محاولة طهران لردع إسرائيل عن نقل المواجهة لتكون معها مباشرة بعد إضعاف أذرعها الإقليمية، وبالأخص "حزب الله" الذي لطالما عد خط الدفاع الأول عن إيران.