نجح نحو 80 في المئة من البنوك المركزية في العالم في كسب معركة التضخم وكبح جماح ارتفاع الأسعار، في حرب امتدت لنحو ثلاث سنوات، لتتمكن أخيرا من خفض معدل الفائدة بين 25 و50 نقطة أساس، في انتظار خفوضات إضافية متوقعة في السنتين الجارية والمقبلة، من البنك المركزي الأوروبي والاحتياطي الفيديرالي الأميركي. إلا أن المكاسب النقدية ونتائجها المالية وتطلعاتها الاقتصادية باتت غير مضمونة الأفق، في ظل التطورات الإقليمية الحالية وارتفاع لهيب الحروب إلى مستويات مخيفة في الشرق الأوسط وأوكرانيا، لتزيد حالة عدم اليقين في قدرة الاقتصاد العالمي على تحقيق نمو يتجاوز 3 في المئة السنة المقبلة بحسب منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE).
الرهان على البنوك المركزية
جاء في تقرير"Central Banker Report Cards" الصادر عن مجلة "غلوبال فايننس"، "أن البنوك المركزية عبر العالم خاضت حربا بلا هوادة ضد التضخم وارتفاع الأسعار طوال السنوات الأخيرة، باستخدم سلاح رفع معدلات الفائدة الأساس، وهو ما تكلل بالنجاح في جل الاقتصادات المتقدمة والناشئة مع بعض الفوارق، بعدما تراجع التضخم إلى أدنى مستوى له منذ أربع سنوات. لكن هذه النجاحات مهددة بالانتكاسة لأسباب غير اقتصادية".
واعترافا بهذه الجهود وتشجيعا على مواصلة البنوك المركزية لعب دور شرطي المرور في تدبير أزمات العالم الاقتصادية، صنفت مجلة "غلوبال فايننس" الأميركية، حكام البنوك المركزية 6 مستويات بحسب الكفاءة والنجاح والاستقلالية، ومنحت أعلاها، وهي درجة "A"، إلى عبد اللطيف الجواهري، حاكم البنك المركزي المغربي، ممثلا عن منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وعميدا لرؤساء البنوك المركزية الإقليمية، التي كان دورها حاسما في الإنعاش الاقتصادي في فترة الإغلاق خلال جائحة "كوفيد-19"، بضخ مبالغ ضخمة في التمويلات والقروض. "بفضل شجاعة الاختيارات وتوقيتها تجاوز الاقتصاد العالمي أخطار أزمة الأسعار وأزمة الانكماش"، كما يقول جوزف جيارابوتو، ناشر "غلوبال فايننس".