معرض الرياض الدولي للكتاب 2024: مهرجان ثقافي عالميhttps://www.majalla.com/node/322468/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9/%D9%85%D8%B9%D8%B1%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A-%D9%84%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-2024-%D9%85%D9%87%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%86-%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A-%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A
الرياض: انطلق معرض الرياض الدولي للكتاب في 26 سبتمبر/ أيلول الماضي ويستمر حتى 5 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري بتنظيم من هيئة الأدب والنشر والترجمة، في جامعة الملك سعود، حيث يتوقع أن يستقطب مليون زائر من مختلف الأعمار في دورته الحالية.
ويُعدّ المعرض تظاهرة ثقافية تعكس الجهود المستمرة لتعزيز دور الثقافة والقراءة بين المجتمع. تستضيفه الرياض على مدار عشرة أيام، وبمشاركة 2000 دار نشر من 30 دولة، من بينها دولة قطر ضيفا شرفا هذا العام، إضافة إلى برنامج ثقافي تتجاوز برامجه 200 فعالية وندوة وأمسية شعرية وورشة عمل.
يجمع المعرض في دورته الحالية بين الأدب والثقافة والفنون والتقنية، مما يتيح للزوار فرصة فريدة للتفاعل مع مجموعة متنوعة من الفعاليات والأنشطة المقامة طوال أيامه.
من خلال تنظيم معرض الكتاب تؤكد وزارة الثقافة التزامها تطوير المشهد الثقافي السعودي، وتعزيز القراءة كجزء أساسي من الهوية الوطنية، وهذا ما أكده شعار المعرض لهذا العام "الرياض تقرأ".
يجمع المعرض بين الأدب والثقافة والفنون والتقنية، مما يتيح للزوار فرصة فريدة للتفاعل مع مجموعة متنوعة من الفعاليات والأنشطة
مناطق قراءة وورش عمل
ولزيادة تأكيد أهمية هذا الشعار يجد زائر المعرض نفسه أمام مناطق مخصصة للقراءة بمعايير وجودة عالية، حيث تتوزع بطريقة تتيح للزوار الاستمتاع بوقتهم، وتحقيق الهدوء والانسجام أثناء القراءة، كما توفر هذه المناطق أيضا فرصة يتواصل فيها القراء مع المؤلفين والناشرين، مما يزيد فاعلية القراءة. كما تضمنت بعض هذه المناطق ندوات تفاعلية تساهم في إثراء الحوار الثقافي على هامش البرامج الثقافية اليومية المتنوعة.
وفر المعرض ورش عمل لتنظيم البرامج التدريبية والتطويرية طوال أيام المعرض، منها ورشة "صناعة الفيلم الوثائقي" التي يقدمها المنتج السعودي إبراهيم البكيري ويبيّن من خلالها أساليب الوصول الى المعلومات وطرق بناء السرد بشكل يلبي طموح الجمهور، كما يبيّن التحديات التي قد تواجه صنّاع الأفلام في ظل التحول الرقمي وتطوراته المتلاحقة، بالإضافة إلى ورش أخرى ساهمت في تطوير جوانب الكتابة الإبداعية، وعدد آخر من ورش العمل التي يحفل بها برنامج المعرض الثقافي طوال أيامه.
كما جهز المعرض منطقة خاصة بالطفل صممت بطريقة ابتكارية جمعت بين القراءة والتعليم والترفيه والمعرفة لدى الأطفال. وتمثل هذه المنطقة مساحة تفاعلية حيث يمكن للأطفال المشاركة في مجموعة متنوعة من الأنشطة الموزعة على ثمانية أركان متخصصة هي: الطاهي الصغير، تصميم الأزياء، التحديات الأدبية، صناعة حكاية، الرسوم المتحركة، الفنون والتراث، وبراعم المرح، وأحاجي جحا، ومسرح الطفل الذي يقدم العروض المسرحية الترفيهية والتعليمية بشكل يومي، تهدف في الأساس إلى تعليم الأطفال قيما ثقافية وأخلاقية من خلال التمثيل المسرحي الذي يعد وسيلة فعالة لتحفيز خيال الأطفال وتنمية مهاراتهم الاجتماعية من خلال التفاعل مع الأدوار والشخصيات المختلفة.
كما هيأ المعرض جناحا خاصا داخل هذه المنطقة لورش العمل المتخصصة بتعليم الرسم والنحت والحرف اليدوية، وغيرها من الفعاليات التي تساهم في تنمية مواهب الأطفال، موفرة لهم الفرصة لاكتشاف اهتماماتهم وتطوير مهاراتهم الفنية واللعب التعليمي الذي ينمي لديهم التفكير الناقد. هذا النوع من التعلم غير التقليدي يعد ضروريا في عصر التراكم المتسارع للمعلومات المتنوعة، إذ يحتاج الأطفال إلى مهارات متعدّدة للتكيّف مع التغيرات السريعة في العالم المتشكّل من حولهم.
وفي منطقة أدب الأطفال واليافعين تتوزّع دور النشر المتخصصة في القصص التي تتناول مواضيع تربوية مهمة، وتساهم في نقل القيم الأخلاقية والتربوية، وبناء شخصية واعية لدى الأطفال من الأعمال القصصية، والأدبية، وألعاب الذكاء، وحقائب التعليم المتنوعة التي أحضرها ناشرون من عدة ثقافات متعددة منها الموضوع باللغة العربية ومنها المترجم عن لغات أخرى تهدف في جملتها إلى رفع قدرات الطفل على استيعاب العوالم الخيالية والتمييز بينها وبين الواقعية من خلال القضايا التي تتناولها هذه القصص.
حفلت دورة معرض الرياض للكتاب بالمفاجآت الكبيرة للمشهد الثقافي السعودي بحضور مفكرين دوليين وكتّاب كبار لهم تأثير
على سبيل المثل، قصة "يوم هارب" المنشورة عن "دار المحبرة للنشر والتوزيع"، من تأليف الكاتبة السعودية منيرة العبيد. اعتمدت فيها المؤلفة على رسومات الفنانة لينة التميمي من أجل التعبير عن أحداث قصتها المشوقة. تبدو هذه القصة عميقة في موضوعها وفكرتها إلا أن العبيد استطاعت بأسلوب مبسط ورسومات فنية إبداعية أن توصل فكرتها بسلاسة. كما ضمت أجنحة كتب الأطفال واليافعين الكثير من القصص الهادفة والماتعة التي تسلّط الضوء على تغيرات الجيل الحالي التي تدخلت فيها التكنولوجيا الحديثة وأثرت فيها بشكل كبير.
مفاجآت دولية
وحفلت دورة معرض الرياض للكتاب في هذا العام بالمفاجآت الكبيرة للمشهد الثقافي السعودي في حضور مفكرين دوليين وكتّاب كبار لهم تأثيرهم في مجالاتهم ومنهم الكاتب الأميركي والتر إيزاكسون، كاتب السيرة الشهير الذي كتب سيرتي إيلون ماسك وستيف جوبز وغيرهما من السير. كما استضاف الشاعر والكاتب الأميركي كوامي الكسندر الذي يعد أحد أبرز المؤلفين للأطفال والكبار، والروائي الأميركي الشهير جوناثان فرانزن.
ومن أبرز تلك المفاجآت أيضا ليلة الفنان العراقي الكبير سعدون جابر، الذي تحدث خلال ندوة حوارية فنية عن علاقته الوطيدة بالجمهور السعودي منذ أكثر من 40 عاما، وقدم الكثير من أغانيه الخالدة والراسخة في الوجدان العربي. وتناول جابر في حديثه تلك الصلة التي تربطه بالشعراء السعوديين من خلال تعامله الفني معهم كالأمير خالد الفيصل الذي غنّى من كلماته "ستل جناحه ثم حام"، والأمير الراحل الشاعر بدر بن عبد المحسن الذي غنّى من كلماته "أنا معك" ولحنها له الموسيقار السعودي الدكتور عبد الرب إدريس.
ومن الموسيقى والغناء إلى صناعة السينما حيث نظمت ضمن الجدول الثقافي للمعرض ندوة "السينما السعودية: المنجز والتطلع" وشارك فيها كل من مؤسس ومدير مهرجان أفلام السعودية الشاعر أحمد الملا، والمخرج السينمائي الدكتور مصعب العمري، والمتخصص في الأفلام الوثائقية الدكتور مسفر الموسى، وأدارتها الأستاذة شمس الصبي. وناقشت الندوة المنجزات التي حققتها السينما السعودية من تاريخ انطلاقتها الفعلية وما مرّت به من العقبات، كما تناولت أهمية وقيمة مهرجان أفلام السعودية الذي ساهم في تطوير الفيلم السعودي منذ انطلاقته الأولى في 2008.
الترجمة
وفي جانب الترجمة فتحت "جمعية الترجمة" أبواب جناحها المشارك في المعرض أمام المهتمين بتجربة الترجمة السعودية وتطورها المستمر ومبادراتها لدعم الكتاب السعوديين عبر نقل تجربته الإبداعية إلى لغات عدّة. عرض جناح الجمعية للزائرين تجارب المترجمين السعوديين، كما استعرض نتاج "مبادرة ترجم" التي أطلقتها هيئة الأدب والنشر والترجمة وبلغ عددها 1500 كتاب مترجم. كما عرض الجناح الكثير من البيانات والمعلومات عن مبادرة "المرصد العربي للترجمة" التي تعد من أبرز المبادرات المنوطة بتنظيم جهود الترجمة العربية ودعمها لتحقيق مستهدفاتها.
يؤكد المعرض جهود وزارة الثقافة السعودية للنهوض بالوعي المعرفي والثقافي في جميع الأنحاء وترسيخ الريادة الثقافية السعودية إقليميا ودوليا
علاوة على ذلك فإن الفعاليات الثقافية مثل الأمسيات الشعرية والندوات تضيف عمقا إلى تجربة الزوار، وتمنحهم فرصة للتفاعل وإبداء الرأي في كل ما يقدمه المتحدثون، مما ينمي مهارات التواصل المعرفي بين المفكرين والمثقفين والقراء الذين يستهدفهم المعرض في جميع دوراته، وتعد هذه الروابط الثقافية مهمة للغاية في عالم يسعى فيه الجميع لفهم بعضهم البعض، في عالم يتشكل كل ساعة بفعل الذكاء الاصطناعي، وتنوّع مصادر المعلومات التثقيفية والتوعوية فيه بشكل كبير.
يؤكد معرض الرياض الدولي للكتاب في كل عام اهتمام المملكة العربية السعودية بتنفيذ استراتيجياتها الثقافية من خلال البرامج والمبادرات والمعارض والمهرجانات المبنية وفق أسس رئيسية، ذلك أن المعرض يعزز مكانة المملكة الثقافية والتاريخية إقليميا وعالميا حيث يعد أهم وأكبر معارض الكتب وأهم نوافذ النشر في العالم العربي، كما أنه يؤكد جهود وزارة الثقافة السعودية للنهوض بالوعي المعرفي والثقافي في جميع الأنحاء وتأكيد الريادة الثقافية السعودية إقليميا ودوليا.