في أعقاب النجاح الأولي الذي حققته إسرائيل باستهداف قيادات "حزب الله"، من المحتمل أن تواجه القوات الإسرائيلية تحديا أكبر بعد قرارها شن هجوم بري في لبنان. وعلى الرغم من الأضرار الجسيمة التي قد تكون نتجت عن الهجمات الإسرائيلية قبل الغزو باستهداف قيادات "حزب الله" والمنشآت العسكرية الرئيسة في لبنان، فإن الإسرائيليين يدركون تماما أن تدخلاتهم العسكرية السابقة في لبنان لم تحقق النجاح التام.
وكان غزو إسرائيل للبنان عام 1982، الذي أدى في النهاية إلى بروز "حزب الله"، كان قد ورط الإسرائيليين في حملة قاسية ضد المقاومة في جنوب لبنان، انتهت بانسحاب القوات الإسرائيلية. كما أن الصدام الكبير التالي بين إسرائيل و"حزب الله" في عام 2006 انتهى دون تحقيق نتيجة حاسمة، حيث خاض الطرفان مواجهات عنيفة حتى توقف القتال بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد أكثر من شهر.
لن يأخذ الإسرائيليون قرار شن هجوم بري جديد في لبنان باستخفاف، إذ سيسعى الجيش الإسرائيلي إلى تفادي الأخطاء التي أثرت سلبا على تدخلاته السابقة. ولا شك أن الجيش الإسرائيلي وضع خططا شاملة للتعامل مع "حزب الله"، خاصة بعد تجربته في مواجهة الميليشيا المدعومة من إيران في حرب 2006.
لا يُخفي كبار القادة والمسؤولين الأمنيين الإسرائيليين اعتقادهم بأن نهاية الصراع في 2006 كانت مرحلة غير مكتملة، وهم منذ ذلك الحين يستعدون بدقة للحظة المناسبة لشن هجوم جديد على التنظيم المدعوم من إيران. وبعد فشلهم في تقليص قدرة "حزب الله" على استهداف إسرائيل في 2006، أكد الإسرائيليون أنهم إذا سنحت لهم الفرصة مجددا، فإن هدفهم سيكون توجيه ضربة قاضية للميليشيا.
قرار "حزب الله" بإطلاق موجات من الصواريخ والطائرات المسيرة ضد إسرائيل، تضامنا مع "حماس" في غزة بعد هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أتاح لإسرائيل الفرصة التي كانت تنتظرها لشن حملتها العسكرية ضد "حزب الله". كما أن الهجمات المستمرة التي شنها "حزب الله" ضد إسرائيل، التي بدأت في اليوم التالي لهجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والتي أجبرت نحو سبعين ألف إسرائيلي على النزوح من منازلهم في شمال البلاد، قدمت الذريعة التي كانت إسرائيل تبحث عنها لتنفيذ هجومها العسكري المخطط.