أكّد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لنظيره الإسرائيلي يوآف غالانت أنّ واشنطن تؤيّد "تفكيك البنى التحتية الهجومية" التابعة لـ "حزب الله" على طول الحدود اللبنانية مع الدولة العبرية، وذلك بعيد شنّ إسرائيل "عملية برية محدودة وموضعية" جنوبي لبنان. ماهي سيناريوعات التوغل البري؟ ما نقاط التقاطع والتباين مع حرب لبنان في 2006 وحرب غزة؟
لا شك أن المقاربة بين جبهتي لبنان وغزة بالنسبة للغزو الإسرائيلي البري مختلفة باختلاف المكانين عسكريا، لكن المقاربة العملياتية تحمل عوامل مشتركة، كما أن حرب 2006 قدمت لنا بعض المعطيات عن استراتيجية إسرائيل العسكرية. ففي غزة، سبقت العملياتُ الجويةُ العمليةَ البرية واستمرت لدعم القوات على الأرض حتى تحقيق المهام المخططة ضد مراكز ثقل الجانب الآخر وتليين الدفاعات واستنزاف قواته والتأثير في البيئة الحاضنة، والعمل على دفعه للإذعان لشروط التفاوض، أو الدخول في عمليات برية عالية التكلفة.
وبدأت الضربات الجوية والمدفعية للجيش الإسرائيلي بتاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول، بينما بدأت العمليات العسكرية 27 أكتوبر في غزة. واستفادت إسرائيل من حرب غزة التي وفرت خبرات قتال بصفة خاصة لقوات الاحتياط التي تمثل ضعف القوة العاملة، لتتغلب على نقاط ضعف ظهرت في حرب 2006 بتدني الكفاءة القتالية والاستعداد القتالي لخمسة لواءات مشاة ومدرع، كما أتاحت الفرصة لإسرائيل في الحصول على السلاح والذخيرة والمعدات تحت بند مواجهة حركة "حماس"، بينما كانت ولا زالت تستعد لجبهات أخرى.
وفي حرب لبنان الثانية 2006 بدأت الضربات الجوية والمدفعية الإسرائيلية بتاريخ 14 يوليو/تموز لاستهداف مواقع "حزب الله"، ومخابئ الأسلحة، وطرق نقل الأسلحة، ومراكز الاتصالات، والقواعد، ومواقع الإطلاق، وأصاب الجيش الإسرائيلي مئات الأهداف التابعة لـ"حزب الله" بغارات جوية وقصف مدفعي، بما في ذلك مكاتب "حزب الله"، والطريق الذي يربط جنوب لبنان بدمشق، وأهداف أخرى. وتطور الموقف إلى عملية برية في 22 يوليو/تموز وتعبئة برية محدودة، إذ أرسلت إسرائيل حوالي 2000 جندي إلى جنوب لبنان. وبدأ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية واستولى على بلدة مارون الراس التي يسيطر عليها "حزب الله". ودأب الجيش الإسرائيلي على إسقاط منشورات قبل العمليات تحث المدنيين على مغادرة هذه المناطق. وبالفعل السيناريو نفسه يتكرر الآن.
واليوم، يبدو أن إسرائيل على وشك تنفيذ عملية برية في جنوب لبنان بعد التأكيد مؤخرا وفي أكثر من مرة على أن الهدف الرئيس هو إعادة النازحين الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال بقوة السلاح، وهو ما يعني تزايد احتمال أن يتطور الصراع في الشمال مع "حزب الله" إلى حرب شاملة، حيث تصاعد القتال من تبادل نيران طبقا لما يطلق عليه "قواعد الاشتباك" دون عمليات قتال برية، إلى عمليات جوية وقصف إسرائيلي مكثف للبنان مرورا باغتيال حسن نصرالله وقيادات كبيرة، وصولا إلى تفجير مقر قيادة "حزب الله" بالضاحية الجنوبية,، النقطة التي يجب أن يطلق عليها "حرب لبنان الثالثة"، ولا يتبقى إلا العمليات البرية. حتى تكتمل صورة "الحرب الشاملة".