عندما تبدأ الحرب، يكون السؤال المنطقي هو: متى تنتهي هذه الحرب؟ وما غايتها؟ ويكون سؤال: ماذا بعد الحرب؟ أكثر حضورا. أما حروب الشرق الأوسط فهي حروب عبثية، تبدأ دون أن تكون غايتها معروفة، وتنتهي دون تحقيق أهدافها! ومن ثم، نظل ندور في حلقة مفرغة، ولا نعرف من المنتصر، ومن الطرف الخاسر!
عام كامل على "طوفان الأقصى"، ولا نزال نبحث عن إجابات للأسئلة نفسها في بداية إعلان الحرب من قبل إسرائيل ضد "حماس" في غزة. إذ هل سيؤدي تدمير غزة إلى نهاية "حماس"؟ ولماذا تصر إسرائيل على إبقاء الحرب مفتوحة ضد الفلسطينيين؟ وهل كان لدى "حماس" استراتيجية واستعداد لمرحلة ما بعد "طوفان الأقصى"؟ ومن يتحمل مسؤولية قتل وتهجير المدنيين ودمار المدن؟
وفيما نحن نخوض في غمار هذه الأسئلة، تبدأ حرب جديدة بين "حزب الله" وإسرائيل. تبدأ بعشرات القتلى ومئات الجرحى، وتهجير سكان الجنوب وتدمير قراهم.
لقد طورت إسرائيل استراتيجيتها في هذه الحرب، وبدأت تعتقد أن استعادة الردع، الذي خسرته بعد عملية "طوفان الأقصى" يكون باستخدام كل تقنياتها العسكرية والمخابراتية. ومن ثم، أصبحت تركز على اغتيال القيادة العسكرية لـ"حزب الله"، والقيادة السياسية والعسكرية لحركة "حماس". وهدفها المعلن أن تكون غزة خالية من "حماس". وأن تُقيد تهديد "حزب الله" على مناطق شمال فلسطين، وحتى الآن ترفض الهدنة أو الدخول في مفاوضات، لأنها تريد أن تظل هذه الحرب مفتوحة حتى تحقيق هذه الاستراتيجية.
في المقابل، لا حركة "حماس" في فلسطين، ولا "حزب الله" في لبنان، ولا حتى إيران التي تقود ما يسمى "محور المقاومة" في المنطقة. يعلنون عن استراتيجيتهم في مرحلة ما بعد "طوفان الأقصى"... "حماس" تريد التفاوض على إطلاق سراح الرهائن مقابل العودة مرة أخرى لنقاش حل الدولتين. "حزب الله" في لبنان، لم يحسم قراره منذ البداية، هل يشعل الحرب في الجبهة الشمالية لفلسطين، أم يبقي على هجمات محدودة؟ وينتقل إلى تكتيك ردود الفعل، على كل عملية اغتيال لقياداته العسكرية.
تسعى إسرائيل لتوسيع دائرة الحرب، وتريد أن تستغل فرصة مرحلة انشغال الأميركان في التنافس الانتخابي. وأن تفرض واقعا جديدا في منطقة الصراع مع تهديدات "حزب الله" وحركة "حماس". وأيضا تفكر جديا في أن تصل رسائل استعراض القوة بصورة أوضح إلى طهران. لذلك باتت حكومة نتنياهو تريد إدامة الحرب لا تقليصها، لتفرض معادلتها الجديدة في الردع الاستراتيجي، وللهروب من المسألة السياسية في الداخل الإسرائيلي. وهذا لن يتم إلا بأن تقوم حكومة الحرب في إسرائيل بعمليات عسكرية تحقق أهدافا نوعية، تشغل فيها الرأي العام بدلا من مناقشة ما حدث في 7 أكتوبر.