في وقت تكافح فيه أوروبا للتعامل مع الهجرة غير الشرعية، يثير النهج الصارم الذي تتبناه رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في معالجة هذه القضية اهتماما واسع الانتشار.
وليست ميلوني وحيدة في ذلك، إذ يتضح أن تحدي التعامل مع الأعداد الكبيرة من المهاجرين الذين يسعون لتحقيق حياة أفضل في البلدان الأوروبية المزدهرة يشكل عبئا كبيرا بالنسبة لعدد من القادة الأوروبيين البارزين. ففي ألمانيا على سبيل المثال، يتعرض ائتلاف يسار الوسط بقيادة المستشار الألماني أولاف شولتز لتهديدات جمة بسبب الشعبية المتزايدة للأحزاب اليمينية، مثل حزب "البديل من أجل ألمانيا" الذي حقق مكاسب بارزة في الانتخابات الإقليمية الأخيرة في شرق ألمانيا.
كما يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تهديدا مشابها من قبل حزب "التجمع الوطني" بزعامة مارين لوبان، التي اقتربت من الفوز بأغلبية برلمانية في الانتخابات الأخيرة.
أما في المملكة المتحدة، فقد أثبت التحدي الذي تفرضه موجة المهاجرين غير الشرعيين الذين يواصلون خوض الرحلة الخطرة عبر القناة الإنكليزية أنه لا زال يشكل صداعا لحكومة حزب "العمال" الجديدة بزعامة رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر بقدر ما كان الحال بالنسبة للإدارة المحافظة السابقة.
كان من أول الإجراءات التي قام بها ستارمر، إثر فوزه في الانتخابات العامة في يوليو/تموز، التخلي عن مخطط رواندا المثير للجدل الذي ابتكره رئيس الوزراء المحافظ السابق ريشي سوناك، والذي يقضي بترحيل المهاجرين الذين يثبت أنهم دخلوا المملكة المتحدة بشكل غير قانوني إلى الدولة الواقعة في وسط أفريقيا. ولكن ستارمر يقع الآن تحت ضغط متزايد للتوصل إلى خطة بديلة خاصة به لمعالجة قضية المهاجرين، بعد أن ألغى خطة الحكومة البريطانية السابقة، وهي خطة تضع حدا فعالا لعمليات تهريب المهاجرين الخطيرة عبر القناة الإنكليزية.
وقد برز جليا حجم المشكلة التي تواجه سلطات المملكة المتحدة في نهاية الأسبوع الماضي عندما شق أكثر من ألف مهاجر غير شرعي طريقهم عبر القناة إلى المملكة المتحدة، قتل منهم ثمانية مهاجرين، عندما اصطدم قاربهم المطاطي بالصخور قبالة الساحل الفرنسي، ما سلط الضوء على الطبيعة الغادرة لهذه المعابر.