يحمل الفضاء الكثير من الأسرار والفرص التي يمكن للدول استخدامها تكنولوجياً واقتصادياً وسياسياً وعسكرياً. وقد صار جليا أن أهداف اكتشاف الفضاء ليست كلها علمية ولخير البشرية. حيث تعمل بعض أنظمة الإنذار المبكر لإطلاق الأسلحة النووية عبر الأقمار الاصطناعية، كما أن تزايد خطر ضربها يزيد من احتمال عسكرة الفضاء لحماية الدول لأقمارها... لقد تلاشت فكرة أن الفضاء ملك الجميع... فأيّ دولة إذن تملك الكلمة العليا في اكتشاف الفضاء وتوظيفه خدمة لأهدافها؟ وما حجم الدور الذي تلعبه الشركات الخاصة في هذا المجال؟
صار الفضاء امتدادا مستقبليا لجغرافيا الأرض التي نعرفها، وتحول إلى ساحة جديدة للتنافس الجيوسياسي وسباق نحو الفوز بأسبقية الهيمنة على أسراره وموارده. لم يعد الفضاء مكانا للاكتشاف والمعرفة العلمية فقط، بل أصبح أساسيا جدا في حياتنا اليومية، لدوره في تسهيل الاتصالات والإنترنت وازدهار اقتصادات الدول، وأخيرا لأغراض عسكرية واستخباراتية في عصر أصبحت فيه المعلومات سلاحا استراتيجيا مهماً.
وعلى الرغم من أن الاتفاقات الدولية تنص على أن الحق في الاكتشاف العلمي للفضاء مكفول للدول جميعا وتمنع الدول من أن تعلن سيادتها على الفضاء، فإن التسابق شرس بين الدول الكبرى للهيمنة على الفضاء الخارجي.
لقد أصبح هذا التسابق واقعا حيا له نتائج على العلاقات الدولية، خصوصا مع تزايد أعداد الدول التي لها وجود في الفضاء الخارجي بدرجات متفاوتة، والتي لها برامج لاكتشاف الفضاء أو إطلاق مركبات فضائية سواء مأهولة أو غير مأهولة. وقد وصل عدد هذه الدول إلى نحو 80 دولة. كذلك، لعبت الشركات الخاصة دوراً مهماً في انخفاض تكلفة تصنيع مركبات الفضاء وإرسالها، نتيجة الطفرة الهائلة في الأبحاث وسياسة إعادة تدوير وإطلاق الصواريخ التي تحمل الأقمار الاصطناعية.