كان حجم الهجمات الأخيرة على أجهزة الاتصالات وتأثيرها على أفراد "حزب الله" في لبنان غير مسبوقَين، إذ لم يسبق لـ"حزب الله" أن شهد خرقا أمنيا بهذا الحجم. بيد أن هذه الهجمات لم تضرب "حزب الله" ضربة قوية فحسب، بل أثارت أيضا حالة من الذعر في جميع أنحاء شبكة وكلاء إيران في الشرق الأوسط. وتؤكد ردود أفعالهم على الوعي المتزايد بالثغرات التي يواجهونها. وبتزامن الهجمات مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لهجوم "حماس" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل، باتت الجماعات المدعومة من إيران تركز الآن على الحفاظ على الذات بدلا من إظهار القوة لدعم "حماس" تحت قيادة إيران.
ذعر متزايد
لعلّ الجماعات المدعومة من إيران كانت تخطط لإحياء الذكرى الأولى على الهجوم غير المسبوق على إسرائيل في عرض رمزي لإظهار التضامن مع "حماس". ولكن بعد الفوضى الناجمة عن هجمات أجهزة الاتصالات، ستحول هذه الجماعات على الأرجح مواردها إلى الداخل بدلا من ذلك العرض. ومن المنطقي أن يفكر وكلاء إيران في أنه إذا كان من الممكن اختراق "حزب الله"، وهو أهم أذرع طهران ومصدر فخرها، وكشفه، فلا ريب في أن الكيانات الأخرى في شبكة إيران الأقل قوة من "حزب الله" ستكون أكثر عرضة للخطر. وقد أدى هذا المنطق إلى تزايد الذعر بين الجماعات بشأن أمنها ومكانتها.
وقد كان الحوثيون في اليمن وعصائب أهل الحق في العراق من بين أولى الجماعات التي ردت بإصدار بيانات علنية لدعم "حزب الله" بعد هجوم جهاز النداء. ولكن حتى إظهار التضامن قد يخفي القلق بشأن ما إذا كانت إسرائيل تخطط لتوسيع نطاق أهدافها وما إذا كان عناصر الجماعات المدعومة من إيران يحملون في أيديهم آلات قتل خاملة قد تنشط في أي لحظة. وبعد الهجوم الثاني في لبنان الذي انفجرت فيه أجهزة لاسلكية، أصدرت الحكومة السورية أمرا طارئا لقواتها المسلحة وأجهزتها الأمنية بالتخلص من مثل هذه الأجهزة التي بحوزتها.
كما أثار سيناريو لبنان حالة من الذعر بشأن الخروقات الأمنية المحتملة في العراق، ولا سيما أن الولايات المتحدة استخدمت خلال فترة احتلالها للعراق الهواتف المحمولة لتتبع قادة الجماعات المدعومة من إيران مثل "عصائب أهل الحق" و"جيش المهدي" و"كتائب حزب الله" واستهدافهم. وبعد الهجوم الثاني في لبنان، بدأت الشائعات تنتشر حول انفجار أجهزة وقع في مقر قوات "الحشد الشعبي" في الموصل.