وقعت المجاعة في المغرب بين عامي 1939 و1945، وعُرفت باسم "مجاعة البون"، وكما يشرح عبد السلام أنويكه، فإن كلمة "البون" كلمة فرنسية تعني القسيمة الشرائية، ذلك أنه طوال سبع سنوات وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، حدّدت فرنسا الحصص التمويلية للمغاربة عبر بطاقة سمّيت "البون"، في حين كانت تصادر المنتجات الفلاحية والماشية من أصحابها المغاربة وتوزّعها على الفرنسيين.
تلك المجاعة التي تسبّبت بها فرنسا عبر القسيمة الشرائية، وما ترتب عليها من سوء تغذية وانتشار للأوبئة بين المغاربةونهب مقدرات المغرب، أدت إلى وفاة 300 ألف مغربي جوعا خلال تلك السنوات السبع، وهو ما يدفع إلى التساؤل: إلى أي درجة تتشابه مجاعة القسيمة الشرائية في المغرب، مع المجاعة المنظّمة في غزة، حيث اتخذ "الكوبون"- الوجه الحسن للتضامن-شكل المناطيد والكراتين البنية اللون التي تسقط على النازحين، والتي لم تحل دون وفاة العشرات جوعا، في حين يعاني أكثر من 90% من السكان من سوء التغذية.
كنت أتحدث مع صديقتي دعاء أموم من دير البلح- غزة، وكنا في خضم نقاشنا نحاول التمييز بين أصوات طائرات "الزنانة" و"الأباتشي" و"الكواد كابتر" التي تملأ سماء القطاع، حينها قاطعتني بالقول: هل يمكن أن تتوقعي أي صوت هو الأسوأ من أصوات هذه الطائرات؟ صمت منتظرا إجابتها، فقالت: "إنه صوت الطائرات التي تلقي المساعدات فوق قطاع غزة، لأنها تذكرنا أننا نعيش في المجاعة، وأن علينا أن يصارع بعضنا بعضا، وأن نركض وسط الزحام للحصول على بعض الطعام، ولكن انظري، ها نحن نموت".
في أحد المقاطع التي انتشرت على "يوتيوب"، يعلق شاب على هذه المساعدات التي تسقطها الطائرات من السماء بالقول "هذه كلها ستسقط في البحر... فقط يبرئون ذمتهم بأنهم يرمون لنا المساعدات، ويطعمون شمال غزة، شمال غزة كله جياع، حسبي الله ونعم الوكيل".