تواجه دول شمال أفريقيا تحديات اقتصادية واجتماعية ومناخية وجيوسياسية غير مسبوقة، قد يكون لها تأثير حاسم على مستقبل سكانها المقدر عددهم نحو 110 ملايين نسمة، داخل مساحة تتجاوز 6 ملايين كلم مربع، في موقع جغرافي إستراتيجي بين الشرق العربي والغرب الأطلسي، وبين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا جنوب الصحراء. لكن عدم التجانس الاقتصادي والخلافات السياسية المتراكمة، تحول دون الاستفادة من التحولات الدولية والنظام العالمي الجديد، مما يزيد الصعوبات الداخلية وعدم الاستقرار الإقليمي، ورغبة الأجيال الصاعدة في الهجرة بحثا عن آفاق أفضل، مما يحرم دولها من كفاءات وخبرات بوصلتها شمالا.
أزمة ثقة في الجزائر وتونس
رسخت نتائج الاستحقاقات الرئاسية الأخيرة في بعض دول المغرب العربي، الصورة السابقة بتزوير الانتخابات والهروب من المساءلة التنموية عبر تضخيم الأخطار الخارجية ومعاداة الجيران. وكتبت صحيفة "لوموند" الفرنسية "إن نسبة الفوز بـ 95 في المئة تذكر بنسب انتخابات الأنظمة السوفياتية السابقة. لذلك فان عدم رغبة الشعب في دعم عملية انتخابية محسومة سلفا تخلق عدم ثقة وفجوة مقلقة مع النظام". ويعتقد محللون أن السياسة تفسد التنمية الاقتصادية في دول المنطقة، لأنها تخاف من مواجهة المستقبل وتفضل الانغلاق في خلافات الماضي. ويكاد الجيل الجديد يجمع على أن مشاكله اقتصادية واجتماعية في الأساس، وليست خلافات سياسية قديمة كما تريدها بعض الأنظمة للحفاظ على مواقعها بافتعال صراعات وهمية وأعداء مفترضين.
وما قيل في شأن الانتخابات الجزائرية لن يختلف عن الانتخابات الرئاسية في تونس المنتظرة الشهر المقبل على صيغة المثل القائل (لقد سبق القرار الحوار). لذلك تعتبر قضية شرعية الحكم والإقصاء الاقتصادي من الأسباب المباشرة لهجرة الشباب نحو الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، حسب موقع "يوروستات" الأوروبي. وانتقد ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي "غياب قضايا الشباب والمرأة والتعليم والصحة والتنمية والبطالة والحوكمة ومحاربة الفساد والفوارق الاقتصادية وتوزيع الثروة".