في إطار السعي إلى تعزيز الإبداع ومشاركة المجتمع، وتحويل الثقافة إلى وسيلة للنمو الاقتصادي والمعرفي، تعمل وزارة الثقافة السعودية على دعم وتحقيق خططها معتمدة في ذلك على سلسلة من المبادرات والبرامج المهمة، ومن بينها "الجوائز الثقافية الوطنية" التي تهدف إلى الاحتفاء بإنجازات شخصيات ومجموعات ومؤسسات تكريما لمسيرتها على مدار العام.
حظيت الدورة الرابعة من هذه المبادرة برعاية ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، وشهدت احتفاء رفيعا بالهوية الثقافية السعودية وتجسيدا لروح الإبداع. كما تنوعت في هذا الحدث رسائل أظهرت الأهمية المتزايدة للثقافة في تشكيل صورة ذهنية ذات دلالات وطنية مرتبطة بعمقها المكاني.
وأكدت هذه الجوائز اتساع نطاق الاستراتيجيا الوطنية الهادفة إلى تطوير جميع المناشط الثقافية عبر تكريم المبدعين والمبدعات في تخصصات متنوعة أثبتت أن الثقافة لم تعد مجرد إضافة جانبية وإنما هي عنصر أساس في التنمية المستدامة، كما عكست عمق وثراء المشهد الثقافي السعودي بمختلف أطيافه، وزادت مسؤولية هيئات وزارة الثقافة لرفع كفاءتها وتوسيع نطاقها وزيادة مبادراتها لجعل الثقافة السعودية رافدا مهما من روافد تعميم المعرفة.
أثبتت الجوائز أن الثقافة لم تعد مجرد إضافة جانبية وإنما هي عنصر أساس في التنمية المستدامة
شمل التنوع في جوائز هذا العام 16 جائزة غطّت مختلف المسارات الإبداعية، والفنية، مما يؤكد التزام الجهات الراعية للثقافة في المملكة دعم وتطوير كافة جوانبها وتنويع مصادرها وبرامجها على مدى العام.
وشهد هذا الحدث مزيجا من اللحظات المبشّرة بمنجزات قادمة ترفع كفاءة الحراك الثقافي في المملكة، دل على ذلك تكريم الشباب ووجودهم الفاعل الذي يعد مؤشرا واضحا الى أن المستقبل يحمل بين طياته جيلا جديدا من المبدعين، كما شهد لفتة وفاء من وزير الثقافة بدر بن عبدالله بن فرحان حينما توجه إلى منزل الباحث الدكتور سعد الصويان لتتويجه بجائزة شخصية العام الثقافية حينما أعجزته الظروف عن حضور الحفل الختامي.
الجوائز الثقافية الوطنية لم تعد مجرد مبادرة أو مناسبة سنوية للاحتفاء بالإنجازات والمنجزات، وإنما باتت عاملا محوريا في تعزيز المشهد السعودي ثقافيا وفنيا، من خلال تكريم المنجزين في شتى مجالاته، كما أنها تساهم في نشر الوعي بأهمية الثقافة والإبداع كمكونات أساسية في بناء الهوية الوطنية، ومنصة مهمة لعرض التنوع الحضاري والتراثي في المملكة، مما يساعد في بناء جسور ثقافية بين الأفراد والمؤسسات ويعزّز مشاركة المجتمع في حراكه الإبداعي.
غني عن القول إن الدعم المادي والمعنوي المقدم الى الفائزين يحفّز الابتكار والإبداع، ويمكّن المبدعين من تقديم أعمالهم بكل حرية وبتقنيات حديثة، مما يؤدّي إلى إنتاج محتوى ثقافي غني ومتنوع. كما يشجع المواهب الصاعدة على استكشاف إمكاناتهم وتطوير مهاراتهم ودورهم في خلق بيئة ثقافية نابضة بالحياة تعزز تطور الإبداع المحلي بشكل متسارع.
وتساهم الجوائز الثقافية الوطنية في زيادة التعاون الدولي، وذلك من خلال تمثيل الفائزين في الفعاليات الدولية وتقديم أعمالهم للعالم، كما أنها تفتح أبوابا للتبادل والتفاعل مع مختلف الثقافات، وهذا التعاون لا يقتصر على الأفراد فحسب، بل يشمل المؤسسات الثقافية الربحية وغير الربحية التي تعمل على تداول المعرفة ونقل الخبرات مع نظرائها في الخارج مما يرسخ مكانة المملكة كمركز ثقافي عالمي يستقطب المعرفة ويصدرها.
تساهم الجوائز الثقافية الوطنية في زيادة التعاون الدولي، وذلك من خلال تمثيل الفائزين في الفعاليات الدولية وتقديم أعمالهم للعالم
ويعدّ تشجيع القطاع الخاص والمؤسسات غير الربحية على دعم الثقافة أحد الأهداف الرئيسة لمبادرة الجوائز الثقافية الوطنية، من خلال تبني المواهب وتطويرها عبر برامج خاصة، وتوفير الفرص للمبدعين. هذه الشراكات المثمرة بين القطاعين ستحقق أهدافها وتخلق بيئة داعمة للإبداع، كما أنها ستمنح فرصا عديدة لهذه المؤسسات لتسويق الثقافة والفنون ونشرها وتطويرها. وهو ما دأبت عليه الكثير منها، ومن أبرزها "المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام" التي حققت الجائزة في هذا المسار، لقاء ما قدمته من مبادرات أسهمت في إنجاح الإعلام والثقافة السعودية إقليميا وعالميا عبر 30 منصة منها المقروء والمسموع والمرئي، منذ انطلاقتها الأولى في عام 1972.
كل هذه الجوائز تسلط الضوء على المحتوى المحلي والإنتاج المتميز في كافة القطاعات الثقافية الستة عشر التي رصدت لها، مما يعكس التزام الوزارة دعم المبدعين وتقديرهم ليس على مستوى الاحتفاء بهم بل يشمل نواحي عديدة مما يعزّز دورهم كرواد في مجالاتهم ويمنحهم التمثيل الشرفي للقطاع الثقافي الذي حصلوا على جائزته في الفعاليات الدولية الكبرى.