رغم أنه لم ينشر سوى ديوانين، إلا أن اسمه يحضر دوما إلى جانب أبرز أسماء جيل التسعينات وداخل قصيدة النثر السعودية عموما. شاعر مقلّ في الكتابة والنشر. أصدر ديوانه الأول "أوهام صغيرة" سنة 1995، وانتظر عقدين من الزمن كي يُصدر ديوانه الثاني "اختبار الحاسة". لم يكن ذلك انتظارا بقدر ما كان إشارة إلى مزاج شعري يستبطئ الكتابة، ويتأنى في استدراج الصور والاستعارات إلى نسيج القصائد التي يُراد لها أن تكون مساحة للتأمل واكتشاف قدرة الكلمات على الإدهاش وتوليد المعاني والاستعارات، وحيث علاقة الشاعر باللغة هي "علاقة جمالية" كما يصفها هو، وحيث "كتابة الشعر هي بحثٌ شخصي عن شيء جديد".
إلى جانب الكتابة، وبالتأنّي نفسه، ترجم الخنيزي أشعارا عن الإنكليزية، وأصدر مختارات للشاعر الأميركي جون آشبري بعنوان "صورة ذاتية في مرآة محدّبة وقصائد أخرى".
هنا حوار مع الشاعر الذي كان نال جائزة سركون بولص للشعر وترجمته عام 2021.
- لنبدأ من بداياتك. قراءاتك وتأثيراتها، ثم كتابة قصيدة النثر في مناخ كان الوزن والتفعيلة غالبين عليه في بداية التسعينات في السعودية؟
ربما أكون بين حين وآخر بحاجة إلى سؤال مثل هذا لكي أراجع السيرة وأراها بمنظور اللحظة، لتتكشف لي وقائع نفسية في الغالب لم ألتفت إليها من قبل أو أقلب النظر فيها بما يكفي... أجدني بصورة متزايدة أستحضر مشهد الصبي الذي لم يتعدَّ العقد الأول من العمر بكثير، يتنقل بين بيوت العائلة الممتدة، لتتسلل إلى مسامعه أطراف نقاش ثقافي هنا وجدال فكري هناك... كانت المسافة بين بيت هذا العم وذلك الخال تفصل بين مجلس يعج بالأفكار الراديكالية والأهواء الفكرية لفترة نهاية الستينات. كأن يكون النقاش حول قصيدة حماسية لأبي القاسم الشابي أو قصيدة لشاعر مهجري مثل أيليا أبي ماضي تكتنف تساؤلات وجودية... ومجلس آخر يرتاده شعراء مطبوعون منهم التقليدي والمنبري والرومانسي المجدد يحمى بينهم وطيس نقاش حول تصرف شعري في قاعدة نحوية، أو لزومية ما لإبي العلاء، وهو بالمناسبة شاعرٌ حُفر اسمه في تلافيف الذاكرة، لتأملي بشكل يومي لغلاف ديوانه ذي العنوان العجيب "سقط الزند" وبجواره مجلدات لكتاب آخر جذبني عنوانه إلى قراءته بانغماس يشبه انغماسي في قراءة المجلات المصورة مثل "سوبرمان" وغيرها وهو كتاب المسعودي "مروج الذهب ومعادن الجوهر"، إذْ تصادف وجود هذين السفرين التراثيين في كوة عالية بمستوى السرير ذي الطابقين في غرفة طفولتي. لم تكن بيداغوجيا واعية بالتأكيد، وإنما تشربٌ لرشاش حبر على صفحة بياض، وتخلّق شعور بمعالم طرق مختلفة في النظر إلى الشعر وإلى تاريخ المعمورة وجغرافيتها، معالم ألفتها، مثلها في ذلك كمثل المعالم في الطريق خارج بيتنا التي أعرف عن ظهر قلب أن كل واحدة منها تؤدّي إلى حارة ما من حارات مدينتا القديمة.