جاء تعيين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لميشيل بارنييه، كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، رئيسا جديدا للوزراء في فرنسا، محاولة أخيرة منه لاستعادة الاستقرار خلال ما تبقى من فترة حكمه. وكان بارنييه (73 عاما)، قد اكتسب سمعة مرموقة بسبب موقفه الحازم في مواجهة المملكة المتحدة خلال محادثات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى كونه شخصية بارزة في الحزب المحافظ الرئيس في فرنسا، وهو حزب "الجمهوريين".
وجاء في إعلان ماكرون عن التعيين، وفق ما أورده قصر الإليزيه، أنه طلب من بارنييه "تشكيل حكومة موحدة في خدمة البلاد والشعب الفرنسي".
ولكن هذه المحاولة تأخرت قليلا من جانب ماكرون لدرء التحدي المتزايد الذي تواجهه حكومته من "التجمع الوطني" اليميني المتشدد بقيادة مارين لوبان، التي كادت، خلال الانتخابات العامة المبكرة التي جرت مؤخرا في فرنسا في يوليو/تموز الماضي، أن توجه ضربة قاتلة لرئاسة ماكرون، وشكل حزبها التحدي الأكثر خطورة الذي واجهه الزعيم الفرنسي منذ توليه السلطة عام 2017.
وكان ماكرون قد خاطر بإرثه السياسي حين دعا إلى انتخابات مبكرة بعد تعرضه لهزيمة مهينة في انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو/حزيران الماضي. وسعى إلى "توضيح" ما جرى، على أمل تحييد التهديد من اليمين المتطرف. وكانت استطلاعات الرأي قد توقعت في البداية أن مارين لوبان ستضمن عددا كبيرا من المقاعد في البرلمان الفرنسي، ولو أنها نجحت في ذلك لنفذت عزمها الذي أعلنته في تحدي سيطرة ماكرون على مجالات السياسة الرئيسة، مثل السياسة الخارجية والدفاع، وهو ما كان سيحد بشدة من سلطاته الرئاسية في بقية فترة ولايته، والتي من المقرر أن تنتهي عام 2027.
في النهاية، ما أنقذ رئاسةَ ماكرون كان الأداء القوي المفاجئ للتحالف اليساري الذي نجح في إحباط طموحات "الجبهة الوطنية". وفاجأت هزيمة حزب "التجمع الوطني" الكثير من المعلقين بعد أن احتل الحزب الصدارة في الجولة الأولى من التصويت، وكان يهدف إلى تأمين أكبر عدد من المقاعد في الهيئة التشريعية الفرنسية لأول مرة في تاريخ الحزب. لكن لوبان حُرمت من الفوز بسبب التصويت التكتيكي والتعاون بين خصومها السياسيين مما حرم حزبها من تحقيق نصر تاريخي حاسم.