وصف الكاتب مارك توين اللطف بأنه "اللغة التي يسمعها الأصم ويراها الكفيف". وتتبع عالم البيئة الأميركي ديفيد ر. هاميلتون في كتابه "اللطف وآثاره الجانبية الخمسة"، تأثير مشاعر العطف واللطف على حياة الإنسان، بما يضمن لقارئه العيش بـ"شعور أفضل.. سعادة أكبر، وحياة أطول"، مؤكدا "أننا في الحقيقة مجبولون على اللطف".
يخوض المخرج اليوناني يورغوس لانثيموس في فيلمه الجديد "أنواع اللطف" (2024)، رحلة مغايرة تماما صوب الجانب الآخر للنفس البشرية، حيث تسود قوانين اللامنطق تلك المنطقة المفضلة لديه للنبش عن أنواع بكر لهذا اللطف. الفيلم بطولة إيما ستونووليم دافو، وهما ثنائي فيلمه السابق "كائنات مسكينة" (2023) الذي حصل على أربع جوائز أوسكار في الدورة 96 الماضية، يشاركهما البطولة جيسي بليمنز. وكما هي العادة، لم يبتعد المخرج كثيرا عن عالمه الأثير الذي شيده عبر مجموعة متوالية من الأفلام تُعنى بما وراء الواقع، محلقة في أجواء فانتازية لتمثل مشروعا لم يحد عنه حتى الآن. وهو من المشاريع الإخراجية المميزة على أي حال، يختلف معها فريق ويتفق آخر.
ما وراء اللذة
قد يكون سيغموند فرويد من أكثر المفكرين الذين أثروا في السينما، ولِمَ لا، والجنس في نظريات عالم النفس النمساوي يأتي في مقدمة النزعات الإنسانية، فهو المحرك الأول لتفجير المشاعر على أرض الواقع، وهو ما ينقله حرفيا الفيلم حين "ينفجر الكون" كما يصف بونويل داخل صالة العرض، تتجسد المشاعر بما لا يطرح مجالا للشك. حينها نرى ما كان كامنا أسفل الجلد، وخصوصا اذا كان الأمر يتعلق بمسألة الجنس، أجمل درجات التواصل بين الكائنات الحية في العموم، وأشدها قسوة وقبحا أيضا، وقد تفرد الإنسان في الحياد عن المسار الطبيعي، في ما يخص حدود تلك الرغبات.