يرتبط النجاح الأخير الذي حققه حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف والمناهض للهجرة في الانتخابات الإقليمية في البلاد، ارتباطا وثيقا بالنقاش الدائر في ألمانيا حول الهجرة، والذي أثار الكثير من الجدل في أعقاب سياسات المستشارة السابقة أنغيلا ميركل، التي لعبت دورا رائدا، عام 2015، في منح اللجوء لملايين السوريين الفارين من القمع الوحشي لنظام بشار الأسد، أثناء ذروة الحرب الأهلية المدمرة في سوريا.
وكان من نتيجة ذلك أن تقدم نحو 1.7 مليون لاجئ من بلدان مزقتها الحرب مثل سوريا وأفغانستان والعراق بطلبات للحصول على اللجوء في ألمانيا بين عامي 2015 و2019، ما أثار رد فعل عنيفا من قبل معارضي سياسة "الأبواب المفتوحة" التي انتهجتها ميركل، ,الذين قالوا إن توافد هذا العدد الكبير من المهاجرين فرض ضغطا لا يحتمل على المجتمع الألماني.
بيد أن ميركل بقيت مصرة على أن توفير الملجأ لأولئك الفارين من أهوال الصراع هو المسار الصحيح بالنسبة للشعب الألماني من الناحية الأخلاقية والعملية. وفي مؤتمر صحافي عقدته المستشارة الألمانية وسط برلين في الحادي والثلاثين من أغسطس/آب 2015، خاطبت وسائل الإعلام قائلة: "ببساطة، ألمانيا بلد قوي. وينبغي أن يسترشد نهجنا في التعامل مع هذه التحديات بالفكرة التالية: لقد تغلبنا بالفعل على الكثير، وسوف نتغلب على هذا أيضا".
ومع ذلك، لم يحظَ التزام ميركل الشخصي بتوفير ملاذ آمن لأولئك الفارين من الصراعات بشعبية واسعة بين القادة الأوروبيين الآخرين، فبينما كانت الزعيمة الألمانية تتحدث، كانت المجر، التي عارضت بشدة منح اللجوء لمئات الآلاف من المهاجرين الذين يتوافدون إلى أوروبا، ترسل قطارات محملة بالمهاجرين إلى الحدود الألمانية، حيث وصل عشرون ألفا منهم إلى محطة ميونيخ المركزية في الأسبوع الذي تلا عقد المؤتمر وحده.
كما واجهت سياسة الحدود المفتوحة التي تنتهجها ميركل انتقادات شديدة في المملكة المتحدة، حيث نشرت مجلة "سبكتيتر" (Spectator) ذات الميول اليمينية افتتاحية انتقادية حذرت فيها من أنه "سيكون من الصعب تصحيح أفعال ميركل الآن، فلا يمكن التراجع عن كلماتها. لقد فاقمت مشكلة ستظل معنا لسنوات، وربما لعقود".
وسوف يتردد صدى هذا التحذير بالتأكيد لدى المستشار الألماني الحالي أولاف شولتز، بعد نتائج الانتخابات الإقليمية الأخيرة في ألمانيا الشرقية، حيث كان من المتوقع أن يفوز اليمين المتطرف بأول انتخابات على مستوى الولاية منذ العهد النازي.