في مثل هذا اليوم من عام 1972، قام مسلحو منظمة "أيلول الأسود" بعملية معقدة في مدينة ميونيخ الألمانية عند استضافتها للدورة الصيفية للألعاب الأولمبية. اتخذت المجموعة اسمها من أحداث سبتمبر/أيلول الدامية في الأردن قبلها بسنتين، وأولى ضحاياها كان رئيس الوزراء الأردني وصفي التل، الذي اغتيل في فندق شيراتون القاهرة يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1971، ثم جاءت عملية ميونيخ التي كُتب عنها الكثير، وجسدت في السينما والتلفزيون مرارا، والتي راح ضحيتها 11 رياضيا إسرائيليا، وخمسة مقاتلين فلسطينيين، وشرطي ألماني.
كانت "ميونيخ 1972" بالنسبة لظرفها وحجمها، من أكبر وأشهر العمليات الفلسطينية حتى ذلك التاريخ، تشبه- من حيث الصدمة والتأثير- ما حدث في إسرائيل يوم عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. اختلف شكل المقاتل الفلسطيني، من فدائي ثائر متأثر بغيفارا وبقية رموز اليسار العالمي، إلى جهادي ملتحٍ من حركة "حماس"، متأثر بجماعة "الإخوان المسلمين". أما الهدف فقد بقي نفسه، حتى لو اختلفت أساليب القتال واختلفت دوافعه.
تفاصيل عملية ميونيخ
اختارت منظمة "أيلول الأسود" ألمانيا الغربية لتنفيذ عمليتها، التي كانت تفاخر بأن دورة عام 1972 ستكون الأولى في البلاد منذ أن استضاف أدولف هتلر دورة عام 1936 واستعملها للترويج للرايخ الثالث. قال المسؤولون الألمان إن دورة عام 1972 ستكون "آمنة" وبعيدة كل البعد عن السياسة. ولكن وفي الساعة الرابعة والنصف من فجر يوم 5 سبتمبر، تسلل ثمانية مسلحين فلسطينيين إلى "القرية الأولمبية"، متجهين بأسلحتهم إلى مقر إقامة الفريق الإسرائيلي. حاول مدرب المصارعة الإسرائيلي اعتراضهم فقتلوه، وقتلوا معه الرباع الإسرائيلي يوسف رومانو. خطفوا تسعة لاعبين، وطالبوا بإطلاق سراح أكثر من 200 فلسطيني معتقلين في السجون الإسرائيلية. وبعد أن ظنوا أنهم توصلوا إلى اتفاق مرضٍ مع السلطات الألمانية، خرجوا مع الرهائن على متن حوامات نقلتهم إلى قاعدة جوية غرب "القرية الأولمبية"، حيث كانت الشرطة الألمانية في انتظارهم، وبعض عناصرها بزي موظفي شركة طيران لوفتهانزا. شعر الفلسطينيون أنهم خدعوا، وعندما انهال عليهم الألمان بالرصاص، دارت معركة عنيفة استمرت قرابة العشرين ساعة، مات على أثرها الرياضيون الإسرائيليون.